الذكاء الاصطناعي وثورة جديدة في الملاعب: منع الإصابات
كثيرًا ما يتغيب نجوم عالم كرة القدم عن المشاركة في البطولات العالمية أو المباريات الهامة سواء لفرقهم أو منتخباتهم بسبب الإصابات.
ومن أكثر الإصابات شيوعًا في تلك اللعبة إجهاد أوتار الركبة، والعمليات الجراحية المتعلقة بها، ومشاكل الفخذ والركبتين والكاحلين وغيرها.
وبغض النظر عن مدى شدة الإصابات أو تكرارها فإن لها عواقب وخيمة بدءًا من التغيب عن المباريات الهامة ونقص عدد لاعبي الفرق وحتى تكاليف العلاج وفترات الانقطاع.
لكن في ظل طفرة الذكاء الاصطناعي في عدة مجالات، فإنه قد يلعب دورًا بارزًا في المستقبل بمجال الرياضة وخاصة في تقليل خطر حدوث إصابات.
وذلك لأن الدماغ البشري له حدٌ في كمية المعلومات التي يمكن معالجتها معًا في آن واحد واتخاذ قرارت صحيحة بناءً عليها، لكن الذكاء الاصطناعي وتطوره لا حدود له.
شهد موسم 2023/24 استمرارًا للعديد من الاتجاهات الأخيرة في بيانات إصابات اللاعبين، وبشكل عام أصبحت أعباء الإصابات أكبر بالنسبة للأندية لأن السلطات الكروية تتجاهل التحذيرات حول التقويم المزدحم بصورة متزايدة.
كانت هناك زيادة بنسبة 11% في إجمالي الإصابات عن الموسم الماضي بالدوري الإنجليزي الممتاز، في ظل الأعباء التي يواجهها اللاعبون مع نقص البدلاء في الفرق.
بالنسبة لتكاليف الإصابات كنسبة مئوية من الأجور، فإن الجدول التالي يمثل معاناة “نيوكاسل” بشكل واضح، لكن رغم ذلك تمكن الفريق من التغلب على الصعاب والتأهل لدوري أبطال أوروبا لهذا الموسم.
فقد “نيوكاسل” نسبة 22.4% من الأجور بسبب الإصابات (وهي النسبة الأسوأ في الدوري الإنجليزي) ما يبرز قدر الموارد التي تم إنفاقها على لاعبين لم يكونوا متاحين للعب.
تكاليف الإصابات كنسبة من الأجور لأندية الدوري الإنجليزي (موسم 2023/24) |
|
النادي |
نسبة تكاليف الإصابات من الأجور |
نيوكاسل يونايتد |
%22.44 |
مانشستر يونايتد |
%19.38 |
برايتون |
%19.00 |
تشيلسي |
%18.79 |
برينتفورد |
%18.36 |
كريستال بالاس |
%18.04 |
لوتون تاون |
%17.25 |
ليفربول |
%16.30 |
هل يمكن للتكنولوجيا المساهمة في تقليل الإصابات؟
مع توغل الذكاء الاصطناعي في أغلب الصناعات تقريبًا، امتدت تلك التقنية سريعة النمو إلى عالم الرياضة الذي يتميز بطبيعته غير المتوقعة، ولجأت الأندية والفرق الوطنية للتكنولوجيا لمساعدتها في اكتشاف الإصابات مبكرة وإدارة جداول أعمالها والمساعدة في زيادة أداء اللاعبين.
إلى جانب أن الذكاء الاصطناعي قد يستخدم لمساعدة المديرين والموظفين الطبيين على اتخاذ قرارات أكثر استنارة بشأن التدريب واختيار أيام المباريات.
ذكر الدكتور “لي هيرينجتون” رئيس قسم صحة الرياضيين بمعهد الرياضات بالمملكة المتحدة والمتخصص في إعادة تأهيل الإصابات الرياضية: ربما لا يمكن التنبؤ بالإصابات مطلقًا، لكن كيفية استخدام البيانات لفهم المخاطر واتخاذ القرارات أمر مهم.
وبالتالي يرى أن التكنولوجيا قد تساعد المدربين واللاعبين على اتخاذ خيارات أكثر استنارة بشأن اختيار اللاعب بناءً على المخاطر المحتملة.
فمثلاً بإمكان الذكاء الاصطناعي فحص بيانات تحليل الدم ومعدلات النوم والنظام الغذائي الذي يتبعه اللاعب لإخطار المسؤولين بالحالة العامة للاعب.
أما في التدريبات وعلى أرض الملعب، فيمكن لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتوفرة في أجهزة يستطيع اللاعبين ارتداؤها قياس مستوى الجري الذي قام به اللاعب، ومدى إرهاق عضلاته وكمية الأكسجين في الدم.
وبالتالي إذا قدمت تلك البيانات إشارات سلبية عن صحة اللاعب فيمكن تبديله قبل أن يتفاقم وضعه الصحي وتحدث إصابات، وهنا بإمكان التكنولوجيا أيضًا مساعدة اللاعب في طريقه للتعافي، وتحديد متى يمكنه العودة للملعب.
كما يمكن استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي في توفير حل موثوق ومريح لتكرار السيناريوهات المعقدة التي يواجهها اللاعبون بشكل متكرر.
نماذج رائدة
“أوريكو” Orrco هي شركة تحليلات حيوية تعمل على تحسين الأداء وتسريع تعافي الرياضيين، تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد المخاطر من جلسات التدريب وأداء المباريات وجداول السفر وأساليب اللعب والظروف البيئية وأوقات التعافي.
ذكر مديرها التنفيذي الدكتور “بريان مور” لصحيفة “الجارديان” أن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكنها مساعدة أعظم الرياضيين في العالم على تقليل مخاطر الإصابات والمرض وبالتالي اللعب لفترة أطول.
نموذج آخر “زون 7” Zone7 منصة ذكاء اصطناعي لتحسين الأداء البشري من خلال حماية الرياضيين والقوى العاملة المتميزة وإمكاناتهم، تزعم المنصة أنها تمكنت من تقليل عدد الأيام الضائعة بسبب الإصابة للاعبي “ليفربول” بحوالي 30%.
يرتكز عمل المنصة على جمع بيانات عن المباريات والتدريبات الخاصة بالنادي لموسم كامل على الأقل ودمجها مع البيانات المتعلقة باللاعب (العمر والطول والوزن وغيرها)، وتاريخ إصابة مختلف اللاعبين بالفريق، وتحديد خطر إصابة اللاعبين.
اتبعت “هيبوس إكسوسلكتون” Hippos Exoskeleton الناشئة نهجًا مختلفًا، إذ تزعم أنها تستطيع منع ما يصل إلى 80% من إصابات الرباط الصليبي الأمامي باستخدام دعامة الركبة المبرمجة بالذكاء الاصطناعي.
عن طريق زوج من أجهزة الاستشعار الموضوعة في الجزء العلوي والسفلي من الدعامة، يمكن للذكاء الاصطناعي اكتشاف متي يقترب المفصل من الإصابة ويفتح وسادة هوائية توقف حركة الركبة.
وأوضح مؤسسا الشركة “كايلين شو” و”بافي ميتاكار” التي يقع مقرها في لندن أن الوسادة الهوائية تفتح في أقل من 25 مللي ثانية، أي أسرع من 60 مللي ثانية التي يستغرقها حدوث إصابة تمزق الرباط الصليبي.
وفي النهاية، يرى “هيرنجتون” أن أزمة الإصابات في كرة القدم ستواصل إحداث تأثير “الدومينو” إذا لم يتدخل الذكاء الاصطناعي، لأنه ببساطة ما يحدث هو وضع ضغط إضافي على اللاعبين غير المصابين لتغطية المصابين.
وبالتالي يتعرض هؤلاء اللاعبون للإصابة أيضًا بسبب الضغط وكثرة اللعب، لذلك بمجرد أن يتعرض نادٍ ما لإصابات قليلة، يتحول الأمر سريعًا للكثير من الإصابات.