الذكاء الاصطناعي في 2024..الابتكار والتحديات في زمن التحولات السريعة
شهد عام 2024 تطورًا استثنائيًا في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، مؤثرًا في شتى المجالات بدءًا من التواصل مع نسخ افتراضية للأشخاص الذين غادروا إلى ابتكار أدوات ذكية مثل فرشاة الأسنان المتطورة.
و مع استمرار توسع هذه التكنولوجيا، بلغت قيمة شركة أوبن إيه آي، مبتكرة شات جي بي تي، نحو 150 مليار دولار. في الوقت ذاته، واصلت شركة ديب مايند، التابعة لجوجل، سعيها وراء تطوير ذكاء اصطناعي يتجاوز القدرات البشرية.
ومع كل هذه التغيرات، يبقى السؤال: ما الذي ينتظرنا في المستقبل؟
تعتبر قوانين التوسع العصبي من أبرز العوامل التي ساعدت في تطور الذكاء الاصطناعي، حيث تزداد قدرات الأنظمة مع زيادة حجمها وبيانات التدريب.
ومع ذلك، بدأت هذه القوانين تظهر حدودها، إذ لا يؤدي زيادة الحجم بالضرورة إلى تحسين القدرات. هذا الأمر جعل من نموذج “o1” من أوبن إيه آي يسعى لاستخدام قدرات حوسبة أكبر للتعامل مع المشكلات المعقدة. ولكن، يعترض هذا الطريق تحدي “الهلوسة” أو توليد معلومات غير دقيقة، مما يطرح تساؤلات حول فعالية هذا الاتجاه.
تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على كميات ضخمة من البيانات، لكن العديد من هذه البيانات باتت محدودة من حيث الجودة.
لهذا السبب، تجري الشركات تجارب على تدريب الأنظمة باستخدام بيانات مولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي ذاته، على الرغم من مخاوف من أن ذلك قد يعمق التحيزات في النماذج.
كما باتت قضية ملكية البيانات الشخصية تشكل نقطة محورية، حيث يمكن أن توفر الأفراد مزيدًا من التحكم في بياناتهم، مما يتيح لهم إمكانية بيعها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
أعلنت تسلا عن تطوير روبوت ذكي، “أوبتيموس”، القادر على أداء مهام منزلية متعددة، مع خطط لاستخدامه في التصنيع بحلول 2025. من جهة أخرى، قامت أمازون بنشر أكثر من 750 ألف روبوت في مستودعاتها، بما في ذلك روبوتات مستقلة قادرة على العمل والتفاعل مع البشر.
ورغم التحديات التي تواجهها الروبوتات في “التعميم” أو القدرة على التكيف مع المهام المتنوعة، فإن الذكاء الاصطناعي يعمل على معالجة هذه المسألة، ما قد يسهم في خفض تكاليف الإنتاج وتوفير الروبوتات للاستخدام الشخصي في المستقبل.
يُتوقع أن يتزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في الأتمتة، خاصة مع خطط الولايات المتحدة لإنشاء وزارة مخصصة لتحسين كفاءة الحكومة، والتي ستقود أجندة أتمتة العمليات الفيدرالية.
على رأس هذه الأجندة يأتي “الذكاء الاصطناعي الوكيل”، الذي يمكنه إدارة مهام مثل تنظيم البريد الإلكتروني والرد على الرسائل. هذه الخطوة من شأنها فتح آفاق جديدة للأتمتة في القطاع الخاص.
تسعى الإدارة الأمريكية الجديدة تحت قيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى تقليص تنظيم الذكاء الاصطناعي من خلال إلغاء التشريعات السابقة.
في المقابل، يخطط الاتحاد الأوروبي في 2025 لتطبيق قانون الذكاء الاصطناعي، الذي سيحظر الأنظمة ذات المخاطر غير المقبولة ويشدد على الشفافية في نماذج الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي. هذا التوجه يعكس توازنًا دقيقًا بين تشجيع الابتكار وبين ضرورة تطبيق ضوابط صارمة.
يُتوقع أن يكون عام 2025 نقطة تحول هامة في تاريخ الذكاء الاصطناعي. مع استمرار الابتكار، تزداد التحديات المتعلقة بالأخلاقيات والتنظيم. السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكننا استخدام هذه التكنولوجيا بشكل آمن ومستدام؟ أم أن سرعة تقدمها ستفوق قدرتنا على التحكم فيها؟
من خلال التعاون العالمي، يمكننا بناء مستقبل مستدام للذكاء الاصطناعي، حيث يصبح أداة فعالة للابتكار والتنمية بدلاً من أن يكون مصدرًا لمشكلات جديدة.