الذكاء الاصطناعي بين الابتكار والتحديات البيئية: هل يدفع العالم ثمن التطور؟
مع استمرار حرائق لوس أنجلوس في الانتشار، تسببت في نزوح نحو 180 ألف شخص وتدمير أكثر من 12 ألف مبنى، فضلاً عن وفاة 24 شخصًا.
وسط هذا المشهد الكارثي، بدأ العديد من المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي توجيه أصابع الاتهام إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيراتها البيئية.
أثارت مراكز البيانات المستخدمة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل “شات جي بي تي”، مخاوف بشأن تأثيرها السلبي على البيئة.
فالعمليات المعقدة التي تُجرى لتدريب النماذج تتطلب كميات ضخمة من الطاقة والمياه، مما يسهم في ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الجفاف.
لمواجهة هذه التحديات، طالب خبراء ومسؤولون عالميون بمزيد من الشفافية من الشركات المطورة للذكاء الاصطناعي، عبر توفير معلومات دقيقة حول استهلاك الطاقة والمياه المستخدمة في مراكز البيانات.
كما شُدد على أهمية تبني حلول مستدامة للطاقة مثل الطاقة الشمسية، الرياح، والطاقة النووية، بدلاً من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
لكن كيف ساهمت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التغير المناخي؟ |
||
السبب |
|
التوضيح |
1- استهلاك المياه |
|
– تهدد تقنيات الذكاء الاصطناعي بندرة المياه، إذ وجدت دراسة حديثة أجرتها صحيفة “واشنطن بوست” بالتعاون مع جامعة كاليفورنيا، أن الرسالة المكونة من 100 كلمة التي يتم إنشاؤها بواسطة “شات جي بي تي”، تتطلب ما يعادل تقريبًا استهلاك زجاجة مياة تبلغ 519 مليلترًا. – وتوصلت الدراسة إلى أن استخدام التطبيق التابع لشركة “أوبن إيه آي”، مرة واحدة في الأسبوع لمدة عام من قبل 16 مليون شخص، يعني استهلاك أكثر من 435 مليون لتر من المياه. – ومع توسع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي في شتى مجالات الحياة اليومية، تتوقع دراسة أخرى أجرتها جامعة كاليفورنيا أن التقنية الحديثة قد تستهلك ما بين 4.2 و6.6 مليار متر مكعب من المياه في عام 2027. – يتركز استخدام المياه بشكل رئيسي في عمليات الذكاء الاصطناعي عبر تبريد مراكز البيانات التي تعمل بقوة لاستخلاص أفضل الإجابات، والتفكير مثل العقل البشري، فضلًا عن عملية التعلم الآلي. |
2- استهلاك الطاقة |
|
– من حيث استهلاك الكهرباء المطلوبة لدعم القوة الحاسوبية الضخمة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. – يُقدر “سجاد موزيني”، أستاذ مساعد في الهندسة الكهربائية والحاسوبية بجامعة واشنطن، استخدام “شات جي بي تي” نحو 1 جيجاوات في الساعة يوميًا، وهو ما يعادل استهلاك الطاقة اليومي لحوالي 33 ألف أسرة أمريكية. – وبحسب وكالة الطاقة الدولية، قد يتضاعف استهلاك الطاقة من قبل مراكز البيانات العالمية بحلول عام 2026، ليصل إلى مستويات يتجاوز فيها استهلاك الدول الصناعية الكبرى. – يأتي ذلك مع توجه العديد من الشركات إلى تبني الذكاء الاصطناعي كجزء لا يتجزأ من نموذج أعمالها، بجانب الشركات التي تتجه إلى بناء مرافق للبيانات واستخدامها في تدريب نماذجها الخاصة. |
3- زيادة الانبعاثات الكربونية |
|
– تستهلك مراكز البيانات، التي تضم الخوادم المتعطشة للطاقة والضرورية لنماذج الذكاء الاصطناعي، كمية كبيرة من الطاقة وتساهم بشكل كبير في البصمة الكربونية. – وكشفت دراسة صادرة عن جامعة ماساتشوستس في عام 2019، لقياس التكلفة البيئية لنموذج “جي بي تي 2″، وهو نموذج ذكاء اصطناعي مُبكر طورته “أوبن إيه آي”. – إن عملية بحث واحدة من قِبل “شات جي بي تي” تؤدي إلى توليد نفس كمية ثاني أكسيد الكربون المولدة نتيجة 300 رحلة ذهاب وعودة بين نيويورك وسان فرانسيسكو باستخدام السيارة، وخمسة أضعاف ما تنتجه المركبة طوال عمرها الافتراضي. – كانت تلك النتائج في عام 2019، ومع تطور التقنية عبر السنوات الخمس الماضية، والوصول إلى نماذج أكثر كفاءة، ارتفع هذا المعدل بشكل كبير وزادت الانبعاثات الكربونية الناجمة عن عمليات الذكاء الاصطناعي. |
إضافةً إلى ذلك، أُوصي بتقليل الاستخدام المفرط لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ووضع أطر واضحة لتطبيقها. كما ينبغي تعزيز وعي المستخدمين بكيفية استخدام هذه التقنيات بكفاءة لتحقيق أقصى استفادة بأقل تكاليف بيئية ممكنة.
في ظل تسارع التطورات التكنولوجية، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين الابتكار والحفاظ على البيئة. إن اتخاذ خطوات جادة نحو تطوير تقنيات مستدامة يمثل ضرورة ملحة لضمان مستقبل أكثر أماناً للبشرية والكوكب.