الدعم المباشر للسكن يحفز السوق العقاري ويكشف الحاجة لتنظيم مهنة المنعش العقاري
أثّر الدعم المباشر للسكن بشكل إيجابي على النشاط في القطاع العقاري بعد فترة طويلة من الركود. فقد ساهم هذا الدعم في تحفيز السوق العقارية التي كانت تعاني من تراجع الطلب بسبب التضخم وارتفاع أسعار مواد البناء وتدهور القدرة الشرائية للأسر.
أصبح الاستثمار في “شقق الدعم” مجالاً جذاباً لتحقيق الأرباح، حتى بالنسبة للوافدين الجدد على القطاع.
و بدأ المنعشون الصغار في اقتحام السوق عبر استثمارات صغيرة، مثل شراء الأراضي في أحياء سكنية جديدة، والحصول على رخص البناء، وتشييد عمارات سكنية، ثم تقسيمها وتسويقها مع التركيز على إدراجها في منظومة الدعم الجديدة.
لكن مع تزايد الإقبال على المشاريع العقارية الصغيرة من قبل هذه الفئة الجديدة من المنعشين، ظهرت مجموعة من المشاكل.
أما بعض المستثمرين الذين اشتروا الأراضي شخصياً وجدوا أنفسهم غير مؤهلين للحصول على الدعم عند تسويق الشقق بسبب عدم تطابق شروط الدعم.
و في المقابل، أدرك البعض الآخر أهمية اختيار الصيغة القانونية المناسبة للاستثمار مبكراً، وأنشأوا شركات مدنية عقارية أو شركات ذات المسؤولية المحدودة (SARL) لامتلاك الأوعية العقارية اللازمة.
وفقاً للمرسوم رقم 2.23.350، حُدد مبلغ الدعم المباشر بمئة ألف درهم لشراء مسكن يقل ثمنه أو يعادل 300,000 درهم، و70,000 درهم لشراء مسكن يتراوح ثمنه بين 300,000 و700,000 درهم.
و تهدف الحكومة من خلال هذه الصيغة إلى تحفيز سوق العقارات السكنية عبر تقديم دعم مالي بقيمة 9.5 مليارات درهم للأسر ذات الدخل المتوسطة والمنخفض، مع توقعات بأن يسهم هذا الدعم في تنشيط الطلب في السوق العقارية وزيادة وتيرة الاستثمار.
في هذا السياق، يبرز غياب القانون المنظم لمهنة “المنعش العقاري” كمسألة هامة. نور الدين زيتوني، منعش عقاري، أكد ضرورة تدخل السلطات لتطوير إطار تشريعي ينظم المهنة، بعد أن تسببت دخول مستثمرين غير ذوي خبرة في القطاع في اختلالات مثل حالات النصب والاحتيال وتوقف المشاريع.
وأشار زيتوني إلى أن الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين طالبت مراراً بإصدار قانون منظم، لكن لم يتم التجاوب مع هذا المطلب.
كما أشار إلى توافد أطباء وصيادلة وموظفين عموميين إلى القطاع، الذين استفادوا من قدراتهم التمويلية لشراء وبناء الأوعية العقارية، مما زاد من سيطرتهم على السوق وسمح لهم بتحقيق أرباح مضاعفة.
أما المنعشون الجدد، فيواجهون تحديات كبيرة، مثل عملية نقل ملكية الأراضي إلى حسابات الشركات، التي قد تكون معقدة وبيروقراطية، مما يؤدي إلى تأخيرات وتأثيرات مالية سلبية.
باختصار، تحتاج مهنة “المنعش العقاري” في المغرب إلى تنظيم تشريعي مناسب لتفادي المشكلات الحالية وتحفيز النمو المستدام في القطاع العقاري.