الحكومة تعترف بضرورة تصحيح مسارها لجذب الاستثمارات الأجنبية بعد تضييع فرص استثمارية ضخمة
بعدما أظهرت الحكومة المغربية تقصيرًا في وقت سابق في استثمار الإمكانيات الواعدة التي يزخر بها المغرب لجذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما أدى إلى تضييع العديد من الفرص، كما أشار تقرير نشرته “الصحيفة” في وقت سابق، اعترفت الحكومة اليوم بضرورة إعادة النظر في نهجها.
فقد أقرت بضرورة الانخراط المكثف في العروض الترويجية الدولية، لاسيما في أسواق رئيسية مثل المملكة العربية السعودية، الإمارات، وألمانيا، بالإضافة إلى توسيع انفتاحها على بلدان آسيوية مثل اليابان والصين.
و أسفرت هذه التحركات عن تحفيز ملحوظ للاستثمارات الأجنبية، حيث تم توقيع سلسلة من الاتفاقيات الاستثمارية الطموحة بلغت قيمتها الإجمالية 50 مليار درهم، منها 42 مليار درهم مخصصة لمشاريع استراتيجية في ظرف عام واحد فقط.
في مسعى لتصحيح المسار، أعلنت الحكومة عن خطة لإحداث المرصد الوطني للاستثمار بحلول عام 2025، بهدف تحسين الشفافية وضمان تدفق مستدام للاستثمارات الخارجية، تداركًا لغياب الأرقام الرسمية المتعلقة بالاستثمار الخاص.
وفي السنوات الأخيرة، عانت المملكة من تقصير حكومي في استغلال الفرص المناسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية بشكل فعال، مما أدى إلى تضييع العديد من الفرص الاستثمارية.
فقد عبّر العديد من المستثمرين الأجانب، بما فيهم الصناديق السيادية لدول خليجية، عن استيائهم من بطء الإجراءات وضعف الترويج الخارجي، مما جعل المغرب يخسر استثمارات استراتيجية كان من الممكن أن تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي الوطني.
واعترفت الحكومة بهذه الثغرات وأكدت في مشروع “نجاعة الأداء”، الذي أدرجته في مشروع قانون المالية 2025، على ضرورة تعزيز الجهود الترويجية للاستثمار الخاص.
ومن خلال هذا المشروع، تعاونت الوزارة المنتدبة مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات (AMDIE) على تنسيق عدد من العروض الترويجية الدولية شملت العديد من الدول مثل المملكة المتحدة، ألمانيا، اليابان، الولايات المتحدة الأمريكية، سنغافورة، سويسرا، الهند، كندا، الصين، إسبانيا، ساحل العاج، بالإضافة إلى السعودية والإمارات.
شملت هذه العروض لقاءات مع مستثمرين في قطاعات استراتيجية مثل صناعة السيارات والطائرات، والنسيج، والصناعات الغذائية، والدواء، والطاقة المتجددة، والسياحة، وترحيل الخدمات، ما ساهم في إنعاش الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي شهدت تراجعًا نسبيًا في 2023، قبل أن ترتفع بنسبة 9.5% في النصف الأول من 2024 من حيث العائدات، و48% من حيث التدفقات الصافية للاستثمارات.
وتعتبر هذه العروض الترويجية فرصة لعرض إمكانيات المغرب الاستثمارية، حيث تم توقيع اتفاقيات استثمارية بلغت 50 مليار درهم، منها 42 مليار درهم مخصصة لمشاريع استراتيجية مع فاعلين دوليين، إضافة إلى تنظيم أنشطة ولقاءات على المستوى الوطني للتعريف بميثاق الاستثمار الجديد، وتشجيع الشركات الوطنية على الاستفادة من الحوافز المقدمة.
وأشارت الوزارة إلى أن التنسيق مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والمراكز الجهوية للاستثمار يهدف إلى تسويق المغرب كوجهة متميزة للاستثمار، مع ضمان دعم المستثمرين وتذليل الصعوبات المحتملة خلال تنفيذ مشاريعهم.
كما وضعت الوزارة خارطة طريق لتحسين مناخ الأعمال في الفترة 2023-2026 بالتعاون مع جميع الشركاء المعنيين لتعزيز الاستثمارات وريادة الأعمال.
فيما يتعلق بنقص الأرقام الرسمية حول الاستثمارات الخاصة، تعمل الحكومة على إنشاء المرصد الوطني للاستثمار بحلول 2025، بالتعاون مع مختلف الهيئات المعنية، لتوفير بيانات دقيقة وموثوقة عن الاستثمارات الخاصة في المغرب.
وفي تصريح سابق للوزير محسن جزولي، تم التأكيد على أن الطفرة في الاستثمارات الأجنبية منذ بداية 2024 تعود إلى الميثاق الجديد الذي وفر إطارًا قانونيًا واضحًا للمستثمرين، مما جعل الإجراءات المتعلقة بالمشاريع أكثر يسراً.
تستهدف الحكومة زيادة حصة الاستثمار الخاص من الثلث الحالي إلى الثلثين من إجمالي الاستثمارات بحلول 2035، عبر تقديم تحفيزات ضريبية ومالية قد تصل إلى 30% من قيمة الاستثمار.
وقد أبرزت الحكومة التوجه نحو الانفتاح على شركاء جدد، مثل الصين التي أظهرت نشاطًا كبيرًا في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، حيث تم توقيع عدة مشاريع ضخمة مع شركات صينية في هذا المجال.
وفي خضم هذا التحول، يسعى المغرب إلى تعزيز مكانته كوجهة استثمارية رئيسية في المنطقة، مما يسهم في تحقيق أهدافه الاقتصادية المستقبلية.