الحكومة المغربية تُعد سيناريوهات لمراجعة الضريبة على الأجور
تُعد الحكومة المغربية حاليًا سيناريوهات لمناقشتها مع المركزيات النقابية في إطار الحوار الاجتماعي المركزي، ويحتل موضوع الضريبة على الأجور، التي تُقتطع من المنبع، مكانة مهمة نظرًا للحاجة إلى مراجعتها من أجل الرفع من مدخول الموظفين والأجراء.
وتعتبر المملكة المغربية ثاني أعلى معدل في المنطقة المغاربية في ما يخصّ الضريبة على الدخل، وتحديدًا على الأجور، بنسبة تصل في حدها الأقصى إلى 38 في المائة تقتطع من المنبع بالنسبة لفئة من الأجراء، وذلك بعد موريتانيا التي يتم فيها تطبيق معدل ضريبة حسب مستوى الدخل، يمكن أن يصل إلى 40 في المائة.
وتحّل الجزائر وتونس معاً المرتبة الثالثة بمعدل ضريبة على الأجور يصل إلى 35 في المائة، بينما تُعد ليبيا الأقل معدلاً للضريبة على الأجور في المنطقة المغاربية، حيث يبلغ سعر الضريبة سنوياً 5 في المائة على 1200 دينار الأولى على الدخل، ويصل إلى 10 في المائة على ما زاد عن ذلك.
ويرى رشيد ساري، محلل اقتصادي رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، أن لكل بلد من هذه البلدان المغاربية خصوصية اقتصادية جعلته يقرّ ضريبة على الأجور تساير متطلباته الاقتصادية.
ويؤكد ساري أن أي مقارنة للمغرب مع الجزائر في هذا الإطار، مثلاً، يجب أن تستحضر أولاً أن الأمر يتعلق بدولة لا تستثمر وتعتمد بشكل كبير على عوائد المواد البترولية أو موارد الغاز.
ويشير ساري إلى أن الجارة الشرقية، مثلاً، لم تستطع أن تبلور استراتيجية اقتصادية متوسطة وبعيدة المدى من أجل تقليل اعتمادها على هذه الثروات الطبيعية، على غرار ما فعلته كل من الإمارات والمملكة العربية السعودية وقطر.
ويُضيف أن موريتانيا مازالت تواجه صعوبات اقتصادية مفهومة، نظرا لكونها تعد معبراً للعديد من المشاريع الاستثمارية، كما أن ليبيا وتونس تعيشان صعوبات سياسية.
وعودة إلى السياق المغربي، يؤكد ساري أن الضريبة على الدخل كانت تصل إلى 44 في المائة، والتعديلات التي همّتها حديثا كانت فقط رمزية، وأن آخر تخفيض فعلي لها قام به البلد كان في عهد حكومة عباس الفاسي.
ويُشير ساري إلى أن المراجعة الضريبية المرتقبة في السنة المقبلة ستأتي في سياق اجتماعي مرتبط برفع الدعم على مجموعة من المواد الأساسية.
ويُشدد على أن الحكومة ملزمة أصلا بإجراء مراجعات لمجموعة من الضرائب، بما فيها الضريبة على الأجور، إذ يأتي ذلك في سياق ورش الإصلاح الضريبي الشامل الذي تقوده الحكومة لتحقيق العدالة الجبائية.
ويُقر ساري بأن نسبة هذا التخفيض المتوقع غير واضحة، إذ يعتمد ذلك على طبيعة المقاربة الحكومية، خاصةً في التعاطي مع الطبقات الهشة والمتوسطة في ظل الوضع الاقتصادي والإكراهات الاقتصادية التي تعترض المغرب.
ويختتم ساري بالقول أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة معدلات هذه الضريبية بين الدول المغاربية، لأن كل دولة لها خصوصياتها الاقتصادية والاجتماعية وإكراهاتها على هذا المستوى.
ويُشير إلى أنه رغم الانتقادات التي يمكن أن نوجهها للاقتصاد الوطني، فهو مع ذلك يعد من أفضل الاقتصادات في هذا الفضاء نتيجة الاستراتيجيات الاقتصادية والتنموية التي اتبعتها الدولة المغربية.