التوقيت الشتوي: فوائد اقتصادية أم عبء إضافي؟
مع اقتراب موعد التحول إلى التوقيت الشتوي في أكتوبر من كل عام، يتجدد الجدل حول جدوى تعديل الساعة، وما إذا كان له فوائد حقيقية على الاقتصاد أم أنه يضيف أعباءً جديدة.
في ليلة واحدة، يخسر الناس 60 دقيقة من وقت النهار، مما يؤدي إلى زيادة طول الليل ويضطرهم للتكيف مع نمط جديد في العمل والحياة اليومية.
ولكن، خلف هذا التغيير الذي يبدو بسيطًا، توجد تأثيرات عميقة على الاقتصاد، تتراوح من الإنتاجية في العمل إلى تكاليف الطاقة.
و تشير العديد من الدراسات في أوروبا والولايات المتحدة إلى أن التوقيت الصيفي، الذي يضيف ساعة في الربيع ويعيدها في الخريف، له تأثير ضئيل على توفير الطاقة.
و تُطبق هذه السياسة في حوالي ثلث دول العالم، خصوصًا في أوروبا والأمريكتين، وسط دعوات متزايدة لإلغائها بسبب نتائجها الهزيلة والتبعات المربكة التي تثيرها بين الناس.
على الرغم من الاعتقاد السائد بأن ألمانيا والنمسا كانتا أول من اعتمد التوقيت الصيفي في عام 1916، فإن كندا شهدت أول تطبيق عملي له عام 1908.
حيث قام سكان بلدة بورت آرثر (التي تُعرف الآن بثاندر باي) بتقديم ساعاتهم بمقدار ساعة واحدة. ثم تبعتهم مناطق أخرى في كندا، قبل أن تتبنى ألمانيا والنمسا الفكرة في 1916 للحد من استهلاك الإضاءة خلال الحرب العالمية الأولى.
و تعود جذور فكرة التوقيت الصيفي إلى العالم النيوزيلندي جورج هدسون ، الذي اقترح في 1895 تغيير الوقت، وكذلك ويليام ويليت البريطاني الذي اقترح تقديم الساعات تدريجيًا.
ورغم جهود ويليت في دفع الفكرة، لم تُطبق في المملكة المتحدة إلا بعد وفاته، في مايو 1916.
إجابة هذا السؤال لا تزال غير حاسمة. رغم أن العديد من الدول لجأت إلى التوقيت الصيفي لتوفير الطاقة، أظهرت دراسات عديدة، بما في ذلك دراسة إيطالية، أن التغيير لا يسفر عن وفورات ملحوظة.
حتى في الولايات المتحدة، كان التخفيض في استهلاك الطاقة خلال فترة التوقيت الصيفي ضئيلاً.
تشير الأبحاث إلى أن التغيير المفاجئ في الوقت يمكن أن يؤثر سلبًا على إنتاجية الموظفين، حيث يحتاج الكثيرون إلى أيام للتكيف.
كما تبيّن أن التوقيت الصيفي يؤثر على أداء أسواق المال، حيث يميل التداول إلى التباطؤ بسبب اضطراب الساعة البيولوجية للمتداولين.
تتزايد حوادث الطرق خلال هذه الفترة بسبب قلة الإضاءة، مما يضيف أعباءً على قطاع النقل.
و يترافق التغيير إلى التوقيت الشتوي مع مزايا مثل ساعة إضافية للنوم، ولكن أيضًا مع ظلام مبكر في المساء.
و على الرغم من الدعوات المستمرة من قبل الاتحاد الأوروبي لإلغاء نظام التوقيت الصيفي، لم يتم التوصل إلى قرار نهائي.
في عام 2018، اقترحت المفوضية الأوروبية إلغاء تغيير الساعة، ووجد الاقتراح دعمًا قويًا من الجمهور. ولكن، على الرغم من الأمل في تنفيذ هذا الاقتراح بحلول عام 2021، إلا أن الأمور لا تزال عالقة.
في نهاية المطاف، تبقى قضية التوقيت الصيفي موضوعًا مثيرًا للجدل، حيث يرى البعض أنه مجرد عبء جديد يتوجب التفكير فيه بجدية من قبل صانعي القرار.