التهرب الضريبي وغياب الحماية الاجتماعية: وجهان لعملة القطاع غير المهيكل في المغرب
أشارت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، إلى أن القطاع غير المهيكل يُمثل عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق التنمية الاجتماعية في المغرب.
وأوضحت الوزيرة، ضمن تصريحاتها في حكومة عزيز أخنوش، أن هذا القطاع “يحرم الدولة من مداخيل مالية مهمة”، مؤكدة على أن العديد من ممتهني هذا القطاع لا يساهمون في العائدات الضريبية التي تخص خزينة الدولة.
رغم الدور المهم الذي يلعبه القطاع غير المهيكل في توفير الخدمات الأساسية، فإنه يفتقر إلى الإسهام الفعلي في التنمية الاجتماعية، مما يعزل العاملين فيه عن الاستفادة من برامج الحماية الاجتماعية.
ووفقًا للوزيرة، فقد اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات المشجعة بهدف إدماج هؤلاء العاملين في الاقتصاد الرسمي. ومن بين هذه الخطوات، يتم توفير إعفاءات ضريبية حتى نهاية العام الجاري، وذلك كجزء من المساعي الحكومية لدمج هذا القطاع المهيمن في الاقتصاد المهيكل.
و على الرغم من الجهود المبذولة، يواجه إدماج العاملين في القطاع غير المهيكل تحديات كبيرة. من أبرزها قطاع المقاهي والمطاعم، حيث لا يتجاوز عدد المسجلين في الضمان الاجتماعي 130 ألف شخص، رغم أن هذا القطاع يوفر مليون فرصة عمل وفقًا للتقديرات.
يُعد القطاع غير المهيكل جزءًا أساسيًا من الاقتصاد المغربي، إذ يُساهم بشكل كبير في توفير فرص العمل والدخل للعديد من المواطنين.
وفي تقرير صادر عن البنك الدولي في يوليو 2023، تم تحديد نسبة العمالة غير الرسمية في المغرب بحوالي 77.3%، وهي من أعلى النسب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
تشير دراسة لبنك المغرب إلى أن القطاع غير المهيكل يُساهم بنحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن هذه المساهمة ترافقها تحديات كبيرة مثل هشاشة ظروف العمل، غياب شبكات الحماية الاجتماعية، والتهرب الضريبي، مما يُعيق قدرة المغرب على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
وفقًا للمندوبية السامية للتخطيط، يعمل حوالي 67.6% من اليد العاملة في المغرب في القطاع غير المهيكل، حيث يتركز هذا النشاط في القطاع الفلاحي والأنشطة التجارية والخدمية الصغيرة في المناطق الحضرية.
و أبرز تحديات القطاع غير المهيكل تتعلق بعدم توفر الحماية الاجتماعية للعاملين فيه، إذ يعمل العديد منهم دون ضمانات اجتماعية أو تأمين صحي، ما يعرضهم لمخاطر صحية واقتصادية.
كما يُعد التهرب الضريبي أحد المشكلات الكبرى التي تُحرم الدولة من إيرادات ضريبية مهمة، حيث لا يخضع العديد من الأنشطة لهذا القطاع للرقابة الضريبية.
يساهم القطاع غير المهيكل في خلق بيئة اقتصادية غير عادلة، مما يضعف القدرة التنافسية للقطاع المهيكل الذي يلتزم بالضرائب والخضوع للرقابة الحكومية.
هذا الانتشار الواسع للأنشطة غير المهيكلة يعوق النمو الاقتصادي ويُشكل تهديدًا لاستدامة الاقتصاد الوطني.
منذ فترة، أطلقت الحكومة عدة برامج تهدف إلى إدماج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي، مثل تبسيط الإجراءات الضريبية وبرامج الحماية الاجتماعية.
ومع ذلك، لم تحقق هذه المبادرات النتائج المرجوة بالكامل، مما قد يدفع الحكومة إلى التفكير في مقاربات جديدة لمواجهة التحديات التي يطرحها هذا القطاع.