التغييرات في القيادة التنفيذية: ما هو تأثير الرئيس التنفيذي على نجاح الشركات؟
يشهد عالم الشركات تغييرات سريعة في مناصب الرؤساء التنفيذيين، مع تزايد عمليات التبديل في كبار الشركات مثل بوينج ونايكي وستاربكس.
في وسط هذه التغيرات المستمرة، يطرح تساؤل مهم: ما هو التأثير الفعلي للرئيس التنفيذي على نجاح أو فشل الشركات؟
و يصف آلان لافلي منصب الرئيس التنفيذي بأنه يتطلب قدرة على تحمل مسؤوليات ضخمة، خاصة في الشركات الكبرى مثل “بروكتر آند جامبل” التي تخدم ملايين المستهلكين حول العالم وتوظف عشرات الآلاف.
في هذه الشركات، يعتبر منصب الرئيس التنفيذي مشابهًا لمنصب مدرب كرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث يتحمل المسؤولية في حال حدوث إخفاقات.
مثال بارز على هذه التغيرات كان في شركة ستاربكس، التي اختارت تغيير قيادتها في وقت حساس، حيث تم تعيين برايان نيكول في منصب الرئيس التنفيذي استجابة لتحديات كبيرة مثل تراجع المبيعات بسبب تنوع المنتجات، وزيادة المنافسة في السوق الصيني، وكذلك تداعيات المقاطعات المرتبطة بالأحداث العالمية.
قدمت الشركة حزمة تحفيزية مغرية لنيكول، وصلت إلى أكثر من مئة مليون دولار سنويًا، بالإضافة إلى توفير وسائل نقل خاصة مثل طائرة خاصة لنقل نيكول بين كاليفورنيا وسياتل.
وقد أسفر هذا التعيين عن تأثير إيجابي فورًا على ثقة المستثمرين، حيث ارتفع سهم ستاربكس بنسبة 24.5% بينما انخفض سهم “تشيبوتلي” بنسبة 7.5%، بعد أن ترك نيكول الشركة.
دور الرئيس التنفيذي: أكثر من مجرد إدارة
بحسب المدربة التنفيذية أليسا كوهن، فإن دور الرئيس التنفيذي يتجاوز الإدارة اليومية، فهو القائد الذي يرسم رؤية المستقبل، ويغرس القيم في الشركة، ويتحمل المسؤولية الكاملة عن نجاحات أو إخفاقات الشركة. النجاح في هذا الدور يتطلب ثقة كبيرة ومرونة في التعامل مع التحديات المتجددة.
من جانبها، تؤكد مارسيا كيلجور، رائدة الأعمال الكندية، على أن النجاح الفعلي للرئيس التنفيذي يعتمد على قدرته على التنسيق بين فرق العمل المختلفة.
فعندما تولى آلان لافلي قيادة “بروكتر آند جامبل” في عام 2000، واجه تحديات هامة مثل تراجع أسعار الأسهم وفشل جهود إعادة الهيكلة.
أولى خطواته كانت إعادة التركيز على خدمة العملاء والابتكار مع رسالة واضحة للموظفين: “سنعود إلى المسار الصحيح”.
نجاح لافلي كان مدعومًا بتواصله المباشر مع الموظفين، حيث كان يزور مراكز الشركة في مختلف أنحاء العالم للحديث معهم وجهاً لوجه.
الشفافية كانت، كما يقول لافلي، حجر الزاوية لأي تغيير ناجح. الرئيس التنفيذي الجديد لشركة نايكي، إليوت هيل، اتبع نهجًا مشابهًا حيث بدأ فترة ولايته برسالة أمل إلى موظفي الشركة.
مارشيا كيلجور تشدد على أن الفرق بين القادة العاديين والمتفوقين يكمن في قدرتهم على تحويل الرؤى إلى واقع ملموس.
بينما يمكن للجميع أن يتصوروا مستقبلاً مشرقًا لشركاتهم، إلا أن القادة المتفوقين هم من يستطيعون ترجمة هذه الرؤى إلى حقائق ملموسة عبر الابتكار المستمر، تطوير المنتجات، وتحفيز الفرق نحو تحقيق الأهداف.
يشير الخبراء إلى أن الرئيس التنفيذي ليس مجرد مدير؛ بل هو قائد يتخذ قرارات حاسمة تحت ضغوط كبيرة.
أليسا كوهن ترى أن القادة الناجحين هم من يتمكنون من التوازن بين الأهداف قصيرة المدى والاستراتيجيات طويلة الأمد. كما أن القرارات التي يتخذها الرئيس التنفيذي تؤثر بشكل مباشر على أداء الأسهم وثقة المستثمرين.
و في عام 2023، بلغ متوسط أجر الرئيس التنفيذي لشركات مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” حوالي 16.3 مليون دولار، ما يعادل 169 ضعفًا من متوسط أجر الموظف العادي.
وانتقدت الباحثة سارة أندرسون هذا الفارق الكبير، معتبرة أن رواتب الرؤساء التنفيذيين الباهظة قد تضر بالاقتصاد وبالطابع الديمقراطي للمؤسسات.
وفي هذا السياق، اقترح آلان لافلي أن يتم ربط مكافآت الرؤساء التنفيذيين بتحقيق الأهداف المستهدفة، على أن يتم تحديد راتب أساسي معقول.
الرئيس التنفيذي هو عنصر حاسم في نجاح أي مؤسسة. هو القائد الذي يضع الرؤية المستقبلية، ويوجه الموارد لتحقيق الأهداف، ويقود الشركة عبر التحديات. ورغم الحوافز المادية العالية التي يتلقاها، فإن المسؤولية الثقيلة التي يتحملها تجعله يستحق هذا المنصب الحساس.