البنوك الأميركية تواجه ضغوطًا كبيرة بعد انسحابها من التحالف المناخي
شهد تحالف البنوك لصافي الانبعاثات صفرية انسحابات كبيرة من أبرز البنوك الأميركية مثل “غولدمان ساكس”، “ويلز فارغو”، “سيتي غروب”، “بنك أوف أميركا” و”مورغان ستانلي”.
و يبدو أن “جيه بي مورغان تشيس”، أكبر بنك أميركي، سيكون على وشك الانسحاب أيضًا. هذه التحركات تأتي في وقت حساس، حيث تواجه البنوك الأميركية ضغوطًا سياسية متزايدة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
بحسب مصادر مطلعة، تستعد البنوك لمغادرة المزيد من المؤسسات الأميركية عن التحالف، حيث أشارت رسالة من رئيسة الأمانة، سارة كيميت، إلى أن “البيئة السياسية” هي العامل الرئيسي وراء هذه الانسحابات.
و على الرغم من تلك الانسحابات، تبقى التأثيرات الملموسة لهذه التغيرات غير واضحة. بل تظهر البيانات التي جمعتها “بلومبرغ” أن البنوك قد زادت تمويلها لقطاع الوقود الأحفوري منذ تأسيس التحالف في 2021.
في هذا السياق، أشار البعض إلى أن عضوية البنوك في التحالف كانت أشبه بـ”التظاهر بحسن النية”، بدلاً من إحداث تغييرات حقيقية في السياسات المناخية.
وأكدت جيل فيش، أستاذة القانون في جامعة بنسلفانيا، أن هذا التحالف لم يكن له تأثير ملموس في تقليص بصمة الكربون.
في هذا الوقت، يضغط ناشطو المناخ على الحكومات، مثل حكومة ولاية نيويورك، لتقديم تشريعات تلزم البنوك باتخاذ إجراءات حاسمة تجاه الأزمة المناخية.
و تأتي الانسحابات بعد فترة من التوترات التي بدأت منذ عام 2022، حيث دفعت بنوك مثل “جيه بي مورغان” و”مورغان ستانلي” ضد فرض أهداف ملزمة لتمويل مشاريع المناخ، وهو ما أدى إلى تعديل التحالف لمتطلباته.
رغم الانسحابات، لا يزال قطاع البنوك يحقق أرباحًا من دعم شركات الوقود الأحفوري، في وقت تتسارع فيه وتيرة تغير المناخ.
ووصف كين بوكر، أستاذ الاستدامة في جامعة “تافتس”، الانسحابات بأنها “محبطة لكنها غير مفاجئة”، مشيرًا إلى أن هذه التحالفات كانت تهدف في الأساس إلى دفع القطاع المالي نحو التفكير في التكاليف طويلة الأجل لدعم قطاع الوقود الأحفوري.
في عام 2021، أعلنت البنوك الكبرى مثل “بنك أوف أميركا” عن التزامها بالصفر الصافي للكربون كجزء من دورها في مبادرة الأسواق المستدامة، والتي تهدف إلى دعم التحول الأخضر في القطاع الخاص.
ومع ذلك، ومع تصاعد التوترات السياسية، يتوقع أن يواصل القطاع المالي التراجع عن التزاماته البيئية.
التحالف الذي تأسس برعاية “تحالف غلاسكو المالي لصافي صفر انبعاثات” في 2021، بدأ يعيد تقييم مهمته وسط هذه الانسحابات.
ومع ذلك، لا تزال البنوك التي انسحبت تؤكد التزامها بتقليل انبعاثاتها بشكل عام، ولكنها تضع في المقام الأول تلبية احتياجات عملائها، دون تقديم أسباب رسمية للانسحاب.
الضغوط السياسية ضد القطاع المصرفي الأميركي أصبحت أكثر وضوحًا، خاصة بعد فوز ترامب في الانتخابات، حيث بدأت ولاية تكساس في تحريك قضايا قانونية ضد شركات مالية مثل “بلاك روك” و”فانغارد” لدعمها سياسات مناخية تعتبرها معادية للوقود الأحفوري.
وفي الوقت نفسه، تواصل البنوك الأوروبية دعم التحولات البيئية، حيث رفضت العديد من المؤسسات الأوروبية فكرة الانسحاب من تحالف “صافي الصفر”، وهو ما يضع البنوك الأميركية في موقف معقد.
وبحسب بيانات “بلومبرغ”، أظهرت البنوك الأميركية زيادات كبيرة في تمويل قطاع الوقود الأحفوري خلال هذه الفترة.
التساؤلات تتزايد حول قدرة البنوك على مواءمة أهدافها مع الواقع المناخي المتسارع، خصوصًا في ظل استمرار الاعتماد الكبير على الهيدروكربونات.
وتدعو منظمات مثل “نشطاء البيئة في نيويورك” إلى فرض قوانين تقيد التمويل المتعلق بالوقود الأحفوري، معتبرة أن وول ستريت قد تراجعت عن التزاماتها المناخية نتيجة الضغوط السياسية.