الاستثمار الرياضي: القطاع الأكثر نموًا في وول ستريت
تُظهِر وول ستريت اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في القطاع الرياضي، حيث سجلت قيمة الدوريات الرياضية الكبرى ارتفاعًا غير مسبوق، متفوقة بذلك على أداء مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بخمسة أضعاف.
و يشير هذا التحول الكبير في السوق إلى تحول القطاع الرياضي إلى مجال استثماري جذاب، مدعومًا باستراتيجيات مبتكرة وأفكار جديدة حول الفرص المتاحة.
لطالما كان الاستثمار في الرياضة مقتصرًا على الأفراد ذوي الثروات الكبيرة، مثل ديفيد تيبر، مالك فريق “كارولينا بانثرز”، وستيف كوهين، مالك فريق “نيويورك ميتس”.
ولكن في العقد الأخير، شهد هذا القطاع تغييرات مهمة سمحت بفتح أبواب الاستثمار أمام مجموعة أوسع من المستثمرين.
و بدأت هذه التحولات في عام 2006، مع دخول سي في سي كابيتال بارتنرز في مجال فورمولا 1، ثم تبعها الدوري الأمريكي لكرة السلة (إن بي أي) في 2021، الذي سمح لصناديق الأسهم الخاصة بامتلاك حصص تصل إلى 20% من حقوق الامتياز.
و أصبح بإمكان المستثمرين الآن دخول القطاع الرياضي عبر قناتين رئيسيتين:
الأسهم: من خلال الاستثمار في أسهم الفرق الرياضية بحصص أقلية، مما يتيح لهم تحقيق مكاسب طويلة الأجل.
الائتمان: من خلال تقديم قروض لتمويل تطوير البنية التحتية الرياضية، مثل الملاعب أو الفرق الرياضية.
جاي سيربي، رئيس قسم الاستراتيجية العالمية في بنك جي بي مورجان، يؤكد أن جاذبية الاستثمار في الرياضة تكمن في نموه المتسارع مقارنة بأسواق الأسهم التقليدية.
وتشير توقعات البنك لعام 2025 إلى زيادة بنسبة ثمانية أضعاف في قيمة عمليات الاندماج والاستحواذ في المجال الرياضي خلال السنوات الخمس الماضية، بينما انخفضت الأسهم العامة بنسبة 40%.
تحليل أجرته شركة “Yieldstreet” أظهر أن قيمة الدوري الأمريكي لكرة القدم (إم إل إس) ارتفعت بنسبة 1565% خلال العقد الماضي، أي أكثر من خمسة أضعاف أداء مؤشر “ستاندرد آند بورز 500”.
سيربي أشار إلى أن الاستثمار في الرياضة يقدم تنويعًا جيدًا بعيدًا عن تقلبات أسواق الأسهم التقليدية، كما يتمتع القطاع بميزات فريدة مثل الارتفاع الكبير في نسب المشاهدة المباشرة، مما يعزز فرص الربح على المدى الطويل.
على الرغم من تراجع أعداد مشاهدي التلفزيون التقليدي، لا يزال القطاع الرياضي قادرًا على جذب جماهير كبيرة. حسب تقرير جي بي مورجان، تظل الفعّاليات الرياضية من بين المجالات القليلة التي تحظى بنسب مشاهدة مباشرة مرتفعة، مما يفتح أمامها فرصًا كبيرة لزيادة الإيرادات من حقوق البث.
سيربي أضاف أن حقوق البث هي العامل الحاسم في تحديد قيمة الامتيازات الرياضية، لافتًا إلى أن الرياضات النسائية والدوريات الناشئة تحظى أيضًا باهتمام متزايد من المستثمرين.
بالإضافة إلى الاستثمار في الأندية الرياضية الكبرى، تتوفر العديد من الفرص الاستثمارية في مجالات متنوعة، منها:
حقوق البث الإعلامي: التي تشمل بيع حقوق بث المباريات تلفزيونيًا أو عبر الإنترنت.
بيع التذاكر وتنظيم الفعاليات: حيث تساهم هذه المجالات في توليد إيرادات ضخمة للأندية والاتحادات الرياضية.
الاستثمار في العقارات الرياضية: مثل بناء الملاعب والصالات الرياضية، بالإضافة إلى تطوير المناطق المحيطة بها.
سيربي يوصي بتوزيع الاستثمارات الرياضية عبر مختلف المجالات، مثل الأسهم، حقوق البث، والعقارات الرياضية. هذه الاستراتيجية تساعد على تقليل المخاطر مع تعظيم العوائد التي قد تتجاوز 3-5% سنويًا مقارنة بالأسواق التقليدية.
تستمر الرياضة في جذب الاستثمارات رغم بعض المخاطر المحتملة مثل نقص السيولة أو محدودية البيانات التاريخية.
ومع ذلك، تظل العوائد المحتملة والمزايا الفريدة التي يقدمها هذا القطاع مغرية لرؤوس الأموال من مختلف الأحجام. من المتوقع أن تستمر الأصول الرياضية في النمو بشكل كبير، مع تسارع التطور التقني وزيادة الطلب على المحتوى الرياضي عالي الجودة.
في ظل هذه الاتجاهات، يبدو أن الرياضة ستتحول من مجرد صناعة ترفيهية إلى جزء أساسي في الأسواق الاستثمارية العالمية في المستقبل.