الإدمان على القمار: ظاهرة متزايدة تهدد المجتمع المغربي
تشهد شركات ألعاب القمار في المغرب نموًا ملحوظًا في حجم المعاملات المالية، حيث تشير التقديرات إلى أن قيمة هذه المعاملات تتجاوز 10 مليارات درهم سنويًا، مستمدة من المبالغ التي يراهن بها المشاركون في هذه الأنشطة.
و تمثل هذه الشركات مصدرًا أساسيًا للإيرادات الضريبية، مما يساعد في تمويل مجموعة متنوعة من الأنشطة الرياضية وتعزيز تطوير قطاعات مثل تربية الخيول.
ومع ذلك، تظل هذه الأنشطة محاطة بمخاطر جسيمة، خاصة بالنسبة للأفراد الذين يواجهون احتمال الإدمان.
وفقًا لدراسة أجرتها إحدى الشركات المتخصصة في المراهنات، يتعرض حوالي 40% من المراهنين لخطر الإدمان بشكل كبير، بينما 35% منهم فقط يعانون من مستويات منخفضة من الإدمان، مما يعني أن النسبة المتبقية تقع في فئة المخاطر المتوسطة.
تشير الإحصائيات إلى أن نحو 3 ملايين مغربي، أو أكثر من 8% من السكان، يمارسون ألعاب الحظ والرهانات. ومن بين هؤلاء، يوجد حوالي مليون لاعب منتظم يراهن مرتين على الأقل في الشهر، بينما يشارك اللاعبون المؤقتون في هذه الأنشطة بين 3 إلى 4 مرات سنويًا.
و تمثل الشركات التي تحتكر سوق ألعاب الحظ والمراهنة مصدراً مهماً للإيرادات الضريبية للدولة، حيث تُفرض ضريبة على القيمة المضافة تصل إلى 20% على هذه الأنشطة.
فعلى سبيل المثال، يتوجب على المراهن دفع درهمين من الضرائب على كل رهان قيمته 10 دراهم. ومع ذلك، فإن المقاهي غير المرخصة التي تقدم خدمات المراهنة لا تخضع لنفس النظام الضريبي، مما يجعلها تجذب مزيدًا من الزبائن.
تمتد فترة المراهنة في هذه المقاهي من الظهر حتى الرابعة بعد الظهر، حيث يتركز الانتباه على شاشات التلفاز لمتابعة السباقات التي تُبث مباشرة من الحلبات الفرنسية.
ورغم وجود المقاهي المرخصة التي تقدم خدمات الرهان بشكل قانوني، إلا أن العديد من المقاهي غير المرخصة لا تزال تعمل، معتمدين على تنظيم الرهانات مقابل عمولات.
و تتضمن بعض أنماط الرهانات التي يبتكرها أصحاب المقاهي ألعابًا شبيهة بـ “لوطو”، حيث يختار المراهنون مجموعة من الأرقام.
بينما يعتبر البعض الرهان على الخيول هواية، هناك من يحترف هذا المجال ليصبحوا مدمنين، مما يؤدي بهم إلى فقدان وظائفهم وتشتيت عائلاتهم بسبب الإدمان المتزايد.
غالبًا ما يهمل هؤلاء الممارسون واجباتهم تجاه العمل والأسرة، ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف خبراء في هذا المجال، يقدمون نصائح للمراهنين الجدد حول أرقام معينة مقابل أجر.
تسهم وسائل الإعلام أيضًا في تعزيز ثقافة الرهان من خلال تسليط الضوء على قصص الأفراد الذين يحققون نجاحات غير متوقعة ويربحون مبالغ كبيرة، مما يجعلهم قدوة للآخرين، خصوصًا الذين يواجهون صعوبات في حياتهم.
في ظل هذه الديناميات، تبقى صناعة ألعاب القمار في المغرب مزيجًا من الفرص والتحديات. تحتاج الحكومة إلى اتخاذ خطوات فعالة للتأكد من تنظيم هذا القطاع بما يضمن حماية المستهلكين والتقليل من المخاطر المرتبطة بالإدمان.