الأزمة الاقتصادية في روسيا: تدهور الروبل وارتفاع التضخم يزيدان معاناة المواطنين
مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في روسيا، يواجه المتقاعدون والمواطنون ذوو الدخل المحدود تحديات متزايدة في التعامل مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل البيض والبطاطس والزبدة. وأضيف إلى تلك المعاناة هبوط قيمة الروبل إلى أدنى مستوياته منذ سنوات، مما زاد من الضغوط المالية على الأسر الروسية.
و في مدينة سانت بطرسبرغ، تعيش معلمة تاريخ متقاعدة تبلغ من العمر 72 عامًا على معاش شهري لا يتجاوز 19,100 روبل (ما يعادل 187 دولارًا أمريكيًا). تصف السيدة الأوضاع بقولها: “الأسعار ترتفع على كل شيء.
أشعر بالعجز والغضب كلما رأيت الأرقام على بطاقات الأسعار”. وطلبت عدم الكشف عن اسمها خشية التعرض لمضايقات أمنية.
و رغم التوقعات الأولية بانهيار الاقتصاد الروسي بسبب العقوبات الغربية، تمكنت موسكو من الحفاظ على نمو اقتصادي بلغ 3.6% هذا العام بفضل زيادة الإنفاق الحكومي الموجه لدعم الحرب في أوكرانيا.
لكن هذا الإنفاق المفرط أدى إلى تضخم بلغ أكثر من 8%، ما دفع البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة في محاولة للسيطرة على الوضع. ومع ذلك، تسبب ارتفاع الفائدة في زيادة تكلفة القروض، مما أثر سلبًا على الشركات والمستهلكين.
الروبل تحت الضغط
انخفض سعر الروبل إلى 103 مقابل الدولار الأمريكي في ديسمبر، بعد أن كان 85 في سبتمبر. يعود السبب الرئيسي لهذا الانخفاض إلى حزمة جديدة من العقوبات الأمريكية تستهدف البنوك الروسية الكبرى، والتي تدخل حيز التنفيذ في 20 دجنبر .
وأدت هذه العقوبات إلى تسارع الروس لإجراء المعاملات المالية قبل دخول القيود الجديدة حيز التنفيذ، مما تسبب في زيادة الضغط على العملة المحلية.
ارتفاع الأسعار أثر بشكل كبير على الفئات الأكثر ضعفًا، حيث شهدت بعض المناطق موجة من سرقات منتجات الألبان بسبب ارتفاع تكاليفها.
كما أدت زيادة أسعار الفائدة إلى ارتفاع تكلفة الرهون العقارية، مما حد من قدرة الروس على شراء المنازل. أما العمال المهاجرون، فقد تضرروا أيضًا بسبب انخفاض قيمة الروبل، ما قلل من قيمة الأموال التي يرسلونها إلى بلدانهم.
و مع توقعات بتباطؤ النمو الاقتصادي إلى 1.3% العام المقبل وفقًا لصندوق النقد الدولي، تتزايد التساؤلات حول قدرة روسيا على الحفاظ على استقرارها الاقتصادي.
ورغم أن المحللين يستبعدون حدوث انهيار اقتصادي كامل، إلا أن استمرار الحرب في أوكرانيا يمثل عقبة رئيسية أمام أي تعافٍ اقتصادي مستدام.
تتجلى التحديات التي تواجه روسيا اليوم في التضخم المتصاعد، تدهور العملة، وارتفاع تكاليف المعيشة. وبينما تسعى الحكومة لتهدئة السوق، يبدو أن الأزمة الاقتصادية العميقة لن تجد حلاً جذريًا إلا بإنهاء الحرب التي تستنزف موارد البلاد بشكل غير مسبوق.