استطلاع “غالوب” يكشف تراجعاً حاداً في رضا الأميركيين عن الديمقراطية
أظهر استطلاع جديد أجرته مؤسسة “غالوب” انخفاضًا غير مسبوق في نسبة الأميركيين الذين يعبرون عن رضاهم عن سير الديمقراطية في الولايات المتحدة، حيث وصلت النسبة إلى 28 بالمائة فقط، وهي أدنى نسبة تم تسجيلها منذ بدء المؤسسة قياس هذه المؤشرات في عام 1984.
وبينت “غالوب” أن هذا التراجع يأتي في ظل تصاعد الانقسامات الحزبية والسياسية، إلى جانب استمرار القلق بشأن الوضع الاقتصادي ومستقبل النظام الانتخابي.
ويُعد هذا الانخفاض تراجعًا عن نسبة 35 بالمائة التي تم تسجيلها في يناير 2021، بعد أحداث اقتحام مبنى الكابيتول من قبل أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب، التي كانت تهدف إلى عرقلة تصديق الكونغرس على فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
وأشار تقرير “غالوب” إلى أن هذا التدهور المستمر يعكس تراجعًا في ثقة الأميركيين في ديمقراطيتهم، خاصة في السنوات الأخيرة التي شهدت تفاقم الاستقطاب الحزبي والصراعات السياسية.
وفي استطلاع ديسمبر 2023، أظهرت النتائج أن الديمقراطيين هم الأكثر رضا عن حالة الديمقراطية، حيث بلغت نسبة رضاهم 38 بالمائة، مقارنة بـ 17 بالمائة فقط بين الجمهوريين. أما المستقلون، الذين لا ينتمون لأي من الحزبين الرئيسيين، فقد أبدوا رضا بنسبة 27 بالمائة، مما يجعلهم في وضع وسط بين الطرفين.
وبالمقارنة مع عام 2021، تراجعت مستويات الرضا لدى جميع الفئات؛ إذ كانت حينها 47 بالمائة بين الديمقراطيين، و21 بالمائة بين الجمهوريين، و36 بالمائة بين المستقلين.
ويرى المحللون أن هذه التفاوتات تعود إلى تغيير الحزب الحاكم، حيث يميل أنصار الحزب في السلطة إلى إظهار مستويات أعلى من الرضا عن الديمقراطية.
ومع وجود رئيس ديمقراطي في البيت الأبيض، يميل الجمهوريون إلى عدم الرضا، وهو ما تدعمه نتائج الاستطلاعات السابقة خلال إدارات رؤساء مثل رونالد ريغان وجورج بوش الأب من جهة، وبيل كلينتون وباراك أوباما من جهة أخرى.
إلى جانب الانقسامات الحزبية، يلعب التعليم دورًا مهمًا في تشكيل آراء الأميركيين بشأن الديمقراطية. فقد أظهرت الدراسة أن الأميركيين الحاصلين على تعليم عالٍ هم الأكثر رضا بنسبة 38 بالمائة، وهي النسبة ذاتها التي سجلها الديمقراطيون.
أما الذين حصلوا على تعليم جامعي دون دراسات عليا، فقد بلغت نسبة الرضا 30 بالمائة، في حين انخفضت النسبة إلى 21 بالمائة بين أولئك الذين لم يحصلوا على تعليم جامعي، حيث شهدت هذه الفئة أكبر انخفاض منذ عام 2021.
وأشار التقرير إلى أن التحديات التي تواجه الديمقراطية الأميركية ليست جديدة، حيث بدأت علامات التراجع في الرضا عن الديمقراطية تظهر منذ أوائل التسعينيات.
ففي عام 1992، شهدت الولايات المتحدة ما عُرف بعام “الناخب الغاضب”، على خلفية ركود اقتصادي وفضائح سياسية أثرت على ثقة المواطنين بالحكومة، حيث كان رضا الأميركيين عن الديمقراطية في ذلك العام 36 بالمائة، وهو مستوى قريب من النسبة الحالية.
وفي السنوات الأخيرة، تفاقمت المشاكل التي أثرت على ثقة الأميركيين بالديمقراطية، بما في ذلك ارتفاع التضخم، وتزايد حدة الخلافات بين الحزبين الرئيسيين، واستمرار الجدل حول أمن الانتخابات وحقوق التصويت، وتراجع ثقة الأميركيين بالمؤسسات السياسية والقضائية.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2024، يبدو أن هذه المخاوف ستزداد حدة، حيث تشير التوقعات إلى سباق انتخابي بين رئيس غير محبوب من قطاع واسع من الناخبين ورئيس سابق خسر أمامه في الانتخابات الماضية.