ارتفاع الدين العمومي في 2025: هل يثبت إصلاح صندوق المقاصة جدواه؟
يكشف مشروع قانون المالية لسنة 2025 عن زيادة كبيرة في حجم الفوائد والعمولات المتعلقة بالدين العمومي، حيث تصل إلى حوالي 45 مليار درهم، بزيادة تقارب 16 مليار درهم مقارنة بالعام الماضي.
هذه الزيادة تثير تساؤلات حول فعالية إصلاح صندوق المقاصة، الذي كان يهدف إلى توفير مبلغ مماثل، وفقًا لما ذكره الخبير الاقتصادي المهدي الفقير.
وأوضح الفقير في حديثه يوم الثلاثاء بالدار البيضاء، أن نفقات الدولة شهدت زيادة ملحوظة، مشيرًا إلى أنه رغم أهمية الرقم، فإنه لم يحظَ بالاهتمام الكافي.
يخص هذا الرقم الفوائد والعمولات على الدين العمومي، التي وصلت في ميزانية 2025 إلى 45 مليار درهم، مقارنة بـ38 مليار درهم في العام السابق و30 مليار درهم قبل سنتين، أي بزيادة تقدر بحوالي 16 مليار درهم خلال عامين فقط.
وأشار الفقير إلى أن هذه الزيادة تتساوى مع كلفة صندوق المقاصة، الذي كان الهدف من إصلاحه توفير 16 مليار درهم. ولكن يبدو أن هذا المبلغ أصبح يشكل عبئًا إضافيًا على الميزانية العمومية من خلال عمولات وفوائد الدين العمومي.
وأضاف الخبير أن هذا الوضع يثير القلق حول وظيفة الضرائب، موضحًا أن إذا كانت الجباية ستذهب لتسديد المديونية فقط، فلن تظل الضريبة قادرة على تمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وبدلاً من ذلك، ستتحول إلى مجرد أداة لتغطية الدين العام.
و من جانب آخر، حذر الفقير من أن اعتماد المالية العمومية بشكل كبير على المداخيل الضريبية يمثل اختلالًا هيكليًا قد يضر بالاقتصاد على المدى المتوسط والبعيد. وأشار إلى تجربة فرنسا، حيث أدى تراجع الموارد الضريبية إلى ضغوط كبيرة على المالية العامة.
وأوضح الفقير أن الضريبة على القيمة المضافة، التي تشكل المكون الرئيسي للمداخيل الضريبية، تؤثر بشكل مباشر على المستهلكين النهائيين. وهذا في وقت يتطلب فيه دعم الاستهلاك باعتباره أساس النشاط الاقتصادي، خصوصًا بالنسبة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على الطلب الداخلي.
وذكر أن حوالي 60% من المداخيل الضريبية للدولة تأتي من الضريبة على القيمة المضافة، والضريبة على الشركات، والضريبة على الدخل. وأشار إلى أن ارتفاع الضرائب يؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية، مما يضعف الاستهلاك.
و فيما يتعلق بالاسترداد الضريبي، نبه الفقير إلى الركود الذي يشهده هذا المجال، حيث تبلغ التسديدات والإرجاعات الضريبية 9.6 مليار درهم على مدار عدة سنوات.
وأوضح أن استرداد الضريبة على القيمة المضافة يُعد من بين الاختلالات الهيكلية التي تواجه المالية العمومية، حيث تدفع الشركات الضريبة وتظل في انتظار استرداد أموالها لعدة سنوات، مما يؤدي في بعض الحالات إلى إفلاس الشركات قبل استرداد المبالغ المستحقة.
وأخيرًا، أشار الفقير إلى “إشكالية الثقة”، التي يعكسها ارتفاع مستوى السيولة النقدية المتداولة خارج النظام المصرفي إلى 395 مليار درهم، منها 140 مليار درهم في السنوات الثلاث الأخيرة.
ورغم أهمية هذا الموضوع، فإنه لم يحظَ بالاهتمام اللازم في مشروع قانون المالية، ولا سيما في ما يتعلق بالإجراءات الواجب اتخاذها لاستعادة الثقة المفقودة في النظام المالي.