ارتفاع أسعار الأسهم الأمريكية يصل إلى مستويات قياسية، مما يؤدي إلى اتساع فجوة التقييم مع نظيراتها العالمية
إن الصعود المستمر لسوق الأسهم الأمريكية إلى مستويات قياسية يلفت الانتباه إلى علاوة التقييم الكبيرة التي تتمتع بها مقارنة بالأسهم العالمية. ومع تفوق مؤشر SP 500 على المؤشرات الإقليمية، يفكر المستثمرون بشكل متزايد في التنويع في الخارج لتحقيق عوائد أعلى محتملة، مدفوعين بالمخاوف بشأن اتساع فجوة التقييم والاعتقاد بأن الأسواق الدولية قد تقدم عرضًا استثماريًا أكثر جاذبية.
أظهر مؤشر SP 500 أداءً قويًا في عام 2023، مسجلاً مكاسب بنسبة 24%، لتمديد عقد من الأداء المتفوق في السوق الأمريكية. وحتى في عام 2024، حافظ المؤشر على زخمه مع زيادة بنسبة 2%، متجاوزًا العديد من نظرائه العالميين. ومع ذلك، يواجه المستثمرون فجوة كبيرة في التقييم بين مؤشر SP 500 ومؤشر MSCI الذي يغطي الأسهم من أكثر من 40 دولة أخرى – وهي فجوة تقترب من أوسع نطاق لها منذ أكثر من عقدين.
وعلى الرغم من جاذبية السوق الأمريكية، فإن بعض المستثمرين يحولون اهتمامهم إلى الخارج، ويفكرون في إمكانية تحقيق عوائد ضخمة في الأسواق الدولية. والجدير بالذكر أن صناديق الأسهم الدولية شهدت تدفقات داخلة صافية قدرها 73.6 مليار دولار في عام 2023، في حين شهدت صناديق الأسهم الأمريكية صافي تدفقات خارجة قدرها 52.1 مليار دولار. ويشير هذا التحول في تدفقات الأموال إلى تزايد الشعور بين المستثمرين بأن الأسواق الدولية قد تمثل فرصة جذابة.
ويشير الاستراتيجيون في بنك أوف أمريكا إلى أنه في حين أن المستثمرين مترددون في تقليل تعرضهم للولايات المتحدة، مستشهدين بآفاق اقتصادية وأرباح أفضل في عام 2024 مقارنة بأوروبا ومناطق أخرى، فإن التفاوت في التقييم يثير تساؤلات حول ما إذا كانت علاوة السوق الأمريكية مبررة. يعد الوزن الثقيل لـ SP 500 في شركات التكنولوجيا، مما يزيد الاهتمام بمجالات مثل الذكاء الاصطناعي، عاملاً يجذب انتباه المستثمرين.
ويتجلى الاختلاف في التقييم بين مؤشر SP 500 ومؤشر MSCI العالمي في تداول السوق الأمريكية بما يقارب 20 مرة ضعف تقديرات الأرباح الآجلة، وهو أعلى بكثير من متوسطه على المدى الطويل. في المقابل، يتم تداول مؤشر MSCI العالمي لجميع البلدان، باستثناء الولايات المتحدة، بمعدل 12.8 مرة، أي أقل من متوسطه التاريخي. وتدفع هذه الفجوة الكبيرة بعض المستثمرين إلى التفكير فيما إذا كانت المزايا التي تتمتع بها الولايات المتحدة قد تم تسعيرها بالفعل في السوق.
في حين أن العديد من المستثمرين على استعداد لدفع علاوة للأسهم الأمريكية، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة بشأن استدامة هذه العلاوة، خاصة بالنظر إلى مقاييس التقييم. تتوقع نماذج فانجارد الاقتصادية عوائد الأسهم الأمريكية على مدى العقد المقبل بمعدل سنوي متوسط يتراوح بين 4.2% إلى 6.2%، وهو أقل نسبياً من توقعات الأسواق المتقدمة والأسواق الناشئة غير الأمريكية.
وتحظى الأسواق الدولية، وخاصة اليابان، بالاهتمام كبدائل محتملة. وقد ارتفع مؤشر نيكي الياباني بالفعل بنسبة 8% في الأشهر الأولى من العام، ليصل إلى أعلى مستوياته منذ 34 عاماً. وعلى الرغم من المخاوف بشأن استمرار التقييمات الرخيصة لفترة طويلة في الأسواق الدولية المتقدمة، فإن بعض المستثمرين ينظرون إلى اليابان بشكل إيجابي بسبب تحسن العوامل الفنية وزيادة تركيز الشركات على عوائد المساهمين.
توصي LPL Financial بمركز “زيادة الوزن” في الأسهم اليابانية، مشددة على التقييمات التي لا تزال رخيصة على الرغم من المكاسب الأخيرة. ومع ذلك، تحافظ الشركة على موقف “نقص الوزن” فيما يتعلق بأوروبا، مما يعكس نظرة حذرة حتى في مواجهة التقييمات الجذابة.
إن الجدل الدائر حول العلاوة التي تتمتع بها الأسهم الأميركية في مقابل الفرص الدولية ليس جديداً، حيث كان المستثمرون يُكافأون في السابق على تمسكهم بالسوق الأميركية. على مدى العقد الماضي، تفوق مؤشر SP 500 على نظرائه العالميين، حيث حقق مكاسب بنسبة 160% مقارنة بـ 130% لمؤشر Nikkei، و40% لمؤشر STOXX، وحوالي 10% لمؤشر MSCI لجميع البلدان باستثناء الولايات المتحدة.
وبينما يزن المستثمرون الفوائد المحتملة للتنويع في مقابل الأداء التاريخي المتفوق للسوق الأمريكية، يبقى السؤال ما إذا كان مشهد التقييم الحالي يبرر استمرار الهيمنة أو يشير إلى نقطة تحول. وعلى الرغم من الجدل الدائر، فإن قوة الاقتصاد الأمريكي وتأثيرها المحتمل على أرباح الشركات تضيف تعقيدات إلى المشهد الاستثماري. وبينما يتنقل المستثمرون بين هذه الاعتبارات، فإن جاذبية الفرص العالمية والتحدي المتمثل في الحفاظ على التوازن في المحافظ الاستثمارية تحدد السرد المتطور لعام 2024.