اقتصاد المغرب

اتفاقية التجارة الحرة بين المغرب والولايات المتحدة: دورها في جذب الاستثمارات وزيادة التبادل التجاري

تُعَدُّ اتفاقية التجارة الحرة بين المغرب والولايات المتحدة من العوامل البارزة في جذب الاستثمارات الأميركية إلى المملكة، حيث تضم المغرب حالياً نحو 150 شركة أميركية.

في عام 2023، بلغت صادرات المغرب من المنتجات الغذائية والسمكية إلى الولايات المتحدة نحو 4.3 مليار درهم (حوالي 440 مليون دولار).

علاوة على ذلك، أصبحت الولايات المتحدة الوجهة الرئيسية لصادرات الحوامض المغربية، التي سجلت قيمتها 1.3 مليار درهم (حوالي 133 مليون دولار)، متفوقة بذلك على كندا وفرنسا وهولندا وروسيا.

بحسب تقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، لا يزال المغرب، بعد عقدين من توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، من الدول القليلة التي تستفيد بشكل كبير من هذه الاتفاقية، وهو الوحيد في إفريقيا الذي يحقق هذه الفائدة.

وبيّن التقرير أن الاتفاقية التي أبرمت بعد أحداث 11 شتنبر كانت تهدف إلى تعزيز المصالح الاستراتيجية والاقتصادية المشتركة، ومكافأة المغرب على تعاونه في مكافحة الإرهاب وتعزيز التسامح.

التقرير أضاف أن الإدارة الأميركية في عهد الرئيس جورج بوش كانت تسعى لتوسيع منطقة التجارة الحرة في الشرق الأوسط، بينما عملت السلطات المغربية على تعزيز العلاقات الثنائية، لا سيما في المجال الأمني، مما ساعد المغرب على الحصول على وضع حليف رئيسي غير عضو في حلف شمال الأطلسي.

منذ بدء تنفيذ الاتفاقية في يناير 2006، تضاعف حجم التجارة الثنائية بين البلدين بأكثر من أربعة أضعاف، حيث ارتفع من حوالي 1.3 مليار دولار في عام 2006 إلى 5.5 مليار دولار في عام 2023.

و تركزت المبادلات التجارية بشكل رئيسي على صادرات المغرب من الأسمدة وأجهزة أشباه الموصلات والمركبات الآلية، بينما تستورد المملكة الوقود وقطع غيار الطائرات والتوربينات الغازية.

ساهمت تخفيضات التعريفات الجمركية التي قدمها المغرب في تعزيز القدرة التنافسية للمنتجين الأميركيين، مما منحهم فرصاً أكبر للوصول إلى السوق المغربية، خصوصاً في قطاع الزراعة.

من جهة أخرى، استفاد المغرب من تنويع شركائه التجاريين والانفتاح على الأسواق العالمية، مما ساعد على تقليل اعتماده على أوروبا، رغم أن نسبة الواردات الأميركية من السلع والخدمات لا تزال ضعيفة.

رغم زيادة المبادلات التجارية، يشير التقرير إلى أن الإمكانيات الاقتصادية الكاملة للاتفاقية لم تُستغل بالكامل بعد. فقد ارتفع العجز التجاري في المغرب من أقل من مليار دولار في عام 2006 إلى حوالي 1.8 مليار دولار في عام 2023.

و على الرغم من هذا العجز، شهد المغرب نمواً اقتصادياً ملحوظاً، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 63 مليار دولار في عام 2005 إلى نحو 131 مليار دولار في عام 2022.

ويعزى هذا النمو إلى عدة عوامل، منها الأمطار الغزيرة التي دعمت القطاع الزراعي، واستغلال الموقع الجغرافي خلال جائحة كوفيد-19، والسياسات الحكومية المتعلقة بالاستثمار والبنية التحتية مثل خط القطار فائق السرعة.

كما أشار التقرير إلى أن حصة صادرات المغرب من الأسمدة إلى الولايات المتحدة ارتفعت من 7% في عام 2008 إلى 23% في عام 2021، بينما زادت حصة المنسوجات من 8% إلى 12% خلال نفس الفترة، رغم أن النمو لم يكن كبيراً كما كان متوقعاً.

في إطار تعزيز الاتفاقية، اقترح تقرير معهد واشنطن خطة عمل لتجديد الاتفاقية، مشدداً على أهمية تحفيز الاستثمار في قطاع بطاريات السيارات الكهربائية للوصول إلى الأسواق الأميركية. ويشجع قانون خفض التضخم الأميركي لعام 2022 على تمويل الصناعات التي تسهم في تقليل الكربون، خاصة مع البلدان التي لديها اتفاقيات تجارة حرة ثنائية.

كما أكد التقرير على ضرورة أن تدفع الاتفاقية المغرب نحو إجراء إصلاحات داخلية لفتح أسواقه أكثر وتعزيز نموه الاقتصادي، مشيراً إلى أن منظمة التجارة العالمية قد أشادت بالمملكة عام 2016 بسبب الإجراءات التي اتخذتها لتحسين نظامها التجاري وتنفيذ خطة المغرب الأخضر التي تهدف إلى تقليل العجز التجاري وتعزيز التنمية المستدامة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى