إصلاحات ضريبية واسعة النطاق في المغرب: من الضريبة على الكربون إلى تخفيض ضريبة الدخل
تواصل الحكومة المغربية جهودها في إصلاح النظام الضريبي من خلال مشروع قانون المالية لعام 2025، الذي يأتي بعد إطلاق إصلاح ضريبة القيمة المضافة (TVA) في عام 2024.
يهدف هذا المشروع إلى تحديث الإطار الضريبي ليواكب التحديات الاقتصادية الحالية، مع تعزيز العدالة الضريبية ودعم التنمية المستدامة للمملكة.
و من أبرز النقاط المعلنة في هذا الإطار، إطلاق نظام جديد لتحديد المنتجات النفطية كأولوية.
تحسين تتبع الهيدروكربونات وتعزيز الإيرادات الجمركية
يركز مشروع قانون المالية على تحسين نظام تتبع قطاع الهيدروكربونات، الذي يُعتبر قطاعًا حساسًا من الناحية الضريبية، لمكافحة التهرب الضريبي وتعزيز الإيرادات الجمركية.
و يأتي هذا الإجراء ضمن استعدادات المملكة لمواجهة تحديات أمن الطاقة. كما يشمل المشروع فرض أول ضريبة على الكربون في المغرب، وهي خطوة تعكس توجه الحكومة نحو اقتصاد أكثر استدامة وتشجيع الشركات على مراعاة القضايا المناخية، بما يتماشى مع الالتزامات الدولية للمغرب في هذا المجال.
توسيع نطاق الضرائب البيئية
في خطوة أخرى نحو التحول إلى نظام ضريبي أكثر مراعاة للبيئة، أصبحت الضرائب البيئية، التي كانت تُعتبر هامشية في السابق، جزءًا أساسيًا من النظام الجمركي.
و تهدف هذه التدابير إلى زيادة الوعي البيئي لدى الشركات وتشجيع الممارسات المستدامة، مما يعزز التزام المغرب بالتنمية المستدامة.
إصلاحات تنظيمية لدعم الخزينة العامة
بالإضافة إلى ذلك، يتضمن المشروع إطارًا تنظيميًا جديدًا لمهنيي المعادن الثمينة لضمان تتبع سلسلة القيمة، مع إصلاح قانون تحصيل الديون العامة (CRCP) لتحسين جمع الإيرادات العامة لصالح الخزينة العامة للمملكة.
إصلاح ضريبة الدخل لتخفيف الضغط الضريبي
أحد أهم الإصلاحات المقررة لعام 2025 هو تعديل ضريبة الدخل (IR) لتعزيز القدرة الشرائية، خاصة للطبقة المتوسطة. تتضمن الإصلاحات رفع الحد الأقصى للإعفاء الضريبي من 30,000 إلى 40,000 درهم سنويًا، مما يعفي الدخل الشهري حتى 6,000 درهم.
كما سيتم تعديل الشرائح الضريبية لتخفيض المعدلات المفروضة على الدخل المتوسط، حيث يتوقع أن تنخفض هذه المعدلات بنسبة تصل إلى 50%.
و سيتم أيضًا تخفيض المعدل الهامشي لضريبة الدخل من 38% إلى 37%، مع زيادة الإعفاء الضريبي للأعباء الأسرية إلى 500 درهم لكل معال.
مكافحة التهرب الضريبي ودمج القطاع غير المهيكل
يشدد مشروع قانون المالية على مواصلة مكافحة التهرب الضريبي، مع التركيز على دمج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي. ومنذ عام 2022، تسعى الحكومة إلى تحسين الإطار القانوني والمؤسسي لتعزيز العدالة الضريبية، وهي جهود أساسية لتعزيز ثقة المساهمين وتعبئة الإمكانات الضريبية للمملكة.
رؤية طموحة لمستقبل النظام الضريبي
يعكس مشروع قانون المالية لعام 2025 رؤية طموحة لتحديث النظام الضريبي المغربي، مع التركيز على التوازن بين الاستجابة للاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز القدرة الشرائية، والتكيف مع المتطلبات البيئية.
و من المتوقع أن تسهم هذه الإصلاحات في تحسين الوضع المالي للأسر المغربية، مع إرساء نظام ضريبي أكثر عدالة واستدامة.