أيهما أفضل شراء منزل أم استئجاره؟
عادة يتم تفضيل الشراء على الإيجار عندما يتعلق الأمر بالسكن، فبالنسبة للبعض يعتبر الإيجار “إهدارًا للمال”، ويُنظر للشراء باعتباره استثمارًا، ويظل السؤال دائمًا أيهما أفضل الشراء أم الاستئجار؟
والحقيقة هي أنه ليست هناك إجابة واحدة واضحة عن هذا السؤال لأن الأمر نسبي، وليست التكلفة هي الاعتبار الوحيد، إذ إن هناك عوامل أخرى يجب النظر إليها عند اتخاذ القرار منها نمط الحياة، والعمل، والموقع المستهدف للسكن، ومدى الاستعداد للاستقرار على المدى الطويل.
إلى جانب وضع الاقتصاد، فيجب مراعاة أن التضخم يؤثر على تكلفة الإيجار وكذلك الفائدة في حال شراء العقار بأقساط أو رهن عقاري.
وذكر “تايلور كوفار” المدير التنفيذي لشركة “كوفار” لإدارة الثروات: يُنظر أحيانًا إلى تكلفة الإيجار على أنها إهدار للمال، لكن نادرًا ما يتحدث الأشخاص عن كافة النفقات المرتبطة بشراء المنزل.
الامتلاك أم الإيجار
– بالطبع امتلاك العقار يرتبط بنفقات منها الصيانة والاستعداد لحالات الطوارئ غير المتوقعة، وفي الوقت نفسه يقدم الإيجار إمكانية محدودة لإجراء تغييرات على المكان الذي تعيش فيه، لأن أي تحسينات ستتم إضافتها ستعود بالفائدة على مالك العقار في النهاية عند انتهاء فترة الإيجار، كما أن هناك عامل قلق كبيرا بين المستأجرين وهو ارتفاع تكاليف الإيجار.
– امتلاك المنزل يتطلب التزامًا أكبر عن الاستئجار من حيث الموارد المالية والوقت والعمل اللازم للبحث عن أفضل موقع بأفضل سعر، بالإضافة إلى أنه استثمار ومثل كافة الاستثمارات يمكن أن ترتفع أو تنخفض قيمته بمرور الوقت.
– يمكن أن يؤدي عدم القدرة على سداد أقساط المنزل في النهاية إلى خسارته وخسارة الاستثمار الأولي، بينما عدم دفع الإيجار يؤدي في النهاية إلى إخلائه، ولكن دون خسارة استثمارات لأن الشخص ببساطة لا يمتلك العقار.
– وبشكل عام، فإن امتلاك منزل يكلف أكثر من استئجاره على الأقل على المدى القصير، لذلك يحتاج المالكون للتفكير في المدة التي يخططون للبقاء فيها في مسكنهم وتقدير احتمالية زيادة قيمة العقار.
– كما أن للاستئجار ميزة أخرى، وهي أن المستأجر يستطيع التحرك بسرعة أكبر من مالك المنزل، وبالتالي يمكنه الاستفادة بشكل أفضل من فرص العمل الأعلى أجرًا في الأماكن الأخرى.
– أجرى “براد كيس” كبير الاقتصاديين لدى شركة إدارة العقارات الأمريكية “ميدلبورغ كوميونيتيز” تحليلاً في ديسمبر 2023، يعارض فيه الحكمة التقليدية القائلة بأن شراء منزل قرار منطقي أكثر من استئجاره في حال تساوي كل العوامل الأخرى.
– وذكر “كيس”: عندما تتحدث عن شراء منزل فإنك تعني قدرًا كبيرًا من المال، والسؤال الأساسي هو: هل تضع ذلك المال في منزل أم في استثمار أفضل؟
– ويرى “كيس” أنه في حال وضع كل الأموال التي كان سينفقها الشخص في سداد الدفعة الأولى لشراء منزل ما وكافة التكاليف الأخرى المرتبطة به في سوق الأوراق المالية، فإنه سيكون لديه أموال أكثر بصورة كبيرة بعد 30 عامًا مقارنة بشراء المنزل، لأنه على المدى الطويل تولد الأسهم عوائد أعلى كثيرًا من الإسكان، على سبيل المثال بلغ عائد الأسهم الأمريكية 7.6% سنويًا في المتوسط على مدى الخمسين عامًا الماضية مقابل 5.4% فقط للمنازل.
– وأضاف “كيس” أنه في حال كانت سوق الأوراق المالية في وضع جيد فإن شراء منزل يعد إهدارًا للأموال لأن استثمار الأموال في سوق الأسهم بدلاً من ذلك سيكون أفضل، أما في حال كانت سوق الأسهم مبالغا في تقييمها فإن شراء المنزل سيكون أفضل.
– وبالتالي فإنه ليس هناك قرار واحد سيكون صحيح مقارنة بالآخر دائمًا، لأن الأمر يختلف من شخص لآخر ومن توقيت لآخر.
نموذج شاب
– ادخرت المليونيرة العصامية “توري دنلاب” 100 ألف دولار وهي في عمر الخمسة وعشرين عامًا، وأسست مشروعها التجاري الذي تبلغ قيمته ملايين الدولارات وبالتالي بإمكانها شراء منزل في سياتل – مكان إقامتها – بكل سهولة، ومع ذلك اختارت الاستئجار.
– وصرحت لشبكة “سي إن بي سي”: أحد أفضل القرارات التي اتخذتها على الإطلاق هو عدم شراء العقارات، قائلة: يحظى الإيجار بسمعة سيئة، بينما يوفر المرونة اللازمة للتحرك، وأنه بدلاً من ربط جزء كبير من ثروتها في عقار واحد فإنها تعمل على تنمية تلك الأموال في استثمارات متنوعة.
– وتنصح “دنلاب” -البالغة من العمر حاليًا 29 عامًا- من يُقبلون على شراء عقار بالتأكد من أن حساباتهم منطقية قبل الشراء بما في ذلك كافة التكاليف المصاحبة للقرار.
وجهة نظر مستثمر شهير
– يشتهر الملياردير “وارن بافت” بأسلوب حياته المقتصد والبسيط، ورغم ثروته الهائلة إلا أنه لا يزال يعيش في نفس المنزل الذي اشتراه عام 1958 مقابل 31500 دولار فقط، والذي يعتبره أحد أفضل استثماراته.
– وفي مقابلة أجراها مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عام 2009 أشار “بافت” إلى أن هذا المنزل الذي يقع في أوماها هو العقار الوحيد في محفظته الاستثمارية الشخصية.
– وعلى الرغم من أن هذا المنزل يوفر له السعادة إلا أنه يعترف بأن الاستئجار كان من الممكن أن يكون خطوة أفضل من الناحية المالية.
– وصرح قائلاً: ملكية المنازل أمر منطقي بالنسبة لمعظم الأمريكيين، ومع أخذ كل الأمور في الاعتبار، فإن ثالث أفضل استثمار قمت به على الإطلاق هو شراء منزلي، على الرغم من أنني كنت سأجني أموالاً أكثر بكثير لو أنني أستأجرت بدلاً من ذلك، واستخدمت تلك الأموال في شراء الأسهم.
– وحذر من أن شراء منزل يمكن أن يتحول إلى كابوس في حال أفرط المشتري في الإنفاق بما يتجاوز إمكانياته المالية.