أوروبا تواجه تحديات جديدة مع توقف إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا
توقفت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، في خطوة أنهت خمسين عاماً من استخدام هذا المسار الحيوي بسبب رفض كييف استمرار عبور الإمدادات التي تعتبرها مصدراً لتمويل الحرب الروسية.
وأكد الجانبان توقف التدفقات مع بداية العام الجديد بعد انتهاء اتفاقية العبور الرئيسية، مما يزيد الضغوط على دول أوروبا الوسطى التي تعتمد تقليدياً على الغاز الروسي لتوفير احتياجاتها.
هذا التوقف يفرض على تلك الدول الاعتماد على بدائل أكثر تكلفة، مما يؤدي إلى تفاقم أزمة الإمدادات، لا سيما مع تزايد استهلاك المخزون الشتوي بوتيرة غير مسبوقة.
وعلى الرغم من أن التدفقات عبر هذا المسار تمثل فقط 5% من احتياجات أوروبا، إلا أن تداعيات أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب الروسية-الأوكرانية لا تزال تثقل كاهل القارة.
في الأشهر الأخيرة، شهدت الأسواق ارتفاعاً كبيراً في أسعار الغاز، حيث قفزت بأكثر من 50% مقارنة بالعام السابق.
ومع تزايد اعتماد أوروبا على الغاز الطبيعي المسال، باتت القارة أكثر عرضة لتقلبات السوق العالمية، ما يزيد من تحدياتها في مواجهة شتاء قارس قد يعمق الأزمة.
بالنسبة لروسيا، يؤدي فقدان هذا المسار إلى تقليص إيراداتها السنوية بنحو 6 مليارات دولار، وفقاً لتقديرات بلومبرغ. أما أوكرانيا، فستخسر رسوم العبور وموقعها الاستراتيجي كقناة حيوية لتوفير الطاقة لأوروبا.
تعتبر هذه الخطوة انهياراً رمزياً لعصر كانت فيه شبكة أنابيب الغاز السوفيتية تربط سيبيريا بأوروبا، حيث أصبحت الآن جزءاً من الماضي.
مع توقف الإمدادات، أعلنت عدة دول أوروبية عن تأمين مصادر بديلة، لكن بتكاليف أعلى. ففي سلوفاكيا، تتوقع شركة الغاز الرئيسية دفع 90 مليون يورو إضافية سنوياً لضمان استقرار الإمدادات عبر مسارات أخرى، محذرةً من أن الشتاء القاسي قد يزيد المخاطر على أمن الطاقة في المنطقة.
الخلافات بين موسكو وكييف ليست جديدة، إذ سبق أن تسببت في تعطيل إمدادات الغاز خلال شتاء 2006 و2009، ما أثر على أكثر من 20 دولة أوروبية. ومع انتهاء اتفاقية العبور الأخيرة، يبدو أن الحرب والعزوف الأوروبي عن الغاز الروسي يجعل من الصعب التوصل إلى حل سريع.
في ظل توقف مسار الغاز الأوكراني، قد يلجأ الكرملين إلى تعزيز صادرات الغاز الطبيعي المسال كبديل استراتيجي، رغم العقوبات الغربية المفروضة على هذا القطاع. ومع ذلك، فإن أوروبا لا تزال تعتمد على واردات قياسية من الغاز الروسي المسال، مما يعكس تعقيد الوضع الجيوسياسي.
تسعى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى التخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي بحلول 2027. ورغم أن تأثير انتهاء اتفاقية العبور قد يكون محدوداً حالياً، إلا أن التحديات طويلة الأمد المتعلقة بأمن الطاقة وأسعارها ما تزال تشكل مصدر قلق كبير للقارة.
بينما تواجه أوروبا شتاءً قاسياً وأزمة طاقة مستمرة، فإن توقف إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا يمثل تحولاً تاريخياً يفرض تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة على جميع الأطراف المعنية.