أهمية إدارة ضغوط العمل للحفاظ على الصحة العقلية والإنتاجية
في عالم اليوم الذي يتسم بالسرعة والتغير المستمر، يواجه العديد من الأشخاص تحديات كبيرة في إدارة متطلبات العمل والحياة اليومية بنجاح.
و مع تزايد هذه الضغوط قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة العامة، إذ أن الفرد الذي يعيش تحت ضغط العمل يصبح أقل إنتاجية وأكثر عرضة للوقوع في الأخطاء.
أظهرت العديد من الدراسات أن الضغوط المستمرة تؤثر سلبًا على الأداء العقلي والجسدي. على سبيل المثال، كشف استطلاع شمل أكثر من 10,000 عامل أن 40% منهم يعملون بعد ساعات العمل المحددة بشكل منتظم، وغالبًا ما يشعرون بالضغط من أجل الاستمرار في العمل.
في المقابل، أظهرت نفس الدراسات أن الموظفين الذين يلتزمون بمواعيد العمل النهائية ويستريحون في الوقت المحدد يتمتعون بمستوى إنتاجية أعلى بنسبة 20% مقارنة بمن يشعرون بالإجبار للعمل لساعات إضافية.
الأمر المقلق هو أن نصف المشاركين في الاستطلاع أشاروا إلى أنهم لا يأخذون فترات راحة خلال ساعات العمل. هذا السلوك يساهم في زيادة احتمالية شعورهم بالإرهاق بنسبة 1.7 مرة.
هذا الإرهاق الناتج عن الضغوط المتواصلة يؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية، حيث لا يحصل الجسم والعقل على فترات من الراحة والتعافي التي يحتاجان إليها. مع مرور الوقت، يؤدي الإجهاد المزمن إلى تدهور القدرة على التركيز والتفكير بوضوح، مما يجعل الشخص أكثر عصبية وأقل إنتاجية.
8 استراتيجيات فعالة لمواجهة الضغوط النفسية |
||
1- ضع الحدود وأعط الأولوية للتوازن بين العمل والحياة |
|
بات العديد من الأشخاص أكثر ميلًا للعمل الحر أو اتباع جدول عمل مرن وفقًا لأولوياتهم الجديدة التي أعادوا تقييمها، وسعيهم لإحداث توازن بين العمل والحياة. لذا يُنصح بوضع حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية، وتخصيص وقت للراحة والاسترخاء وممارسة الأنشطة التي تستمتع بها. تجنّب البقاء في العمل لأوقات طويلة، لأن ذلك سيستهلك طاقتك بسهولة، ويمكن أن ينقل التوتر إلى المنزل ومحيط الأسرة. |
2- مارس الرعاية الذاتية |
|
تأكد من حصولك على قسط كافٍ من النوم وتناول وجبات مغذية ودمج النشاط البدني في روتينك. يمكن لممارسات الرعاية الذاتية الأساسية هذه أن تقطع شوطًا طويلًا في إدارة التوتر وحمايتك من الشعور بالإرهاق. |
3- الحرص على أخذ فترات راحة وإجازات |
|
تعتبر فترات الراحة المنتظمة طوال أيام العمل والإجازات الدورية ضرورية لإعادة شحن طاقتك. من المهم أيضًا أن تأخذ راحة من التفكير في العمل من خلال الإقلاع عن التحقق من رسائل البريد الإلكتروني المتعلقة بالعمل في إجازتك، أو قطع الاتصال بهاتفك في المساء. |
4- الاعتماد على شبكة دعم قوية |
|
قد يكون الإرهاق سببًا في العزلة، لذا خصص وقتًا للتواصل مع الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل. إذ إن التحدث عن المشكلات والضغوط التي تواجهك يمكن أن يوفر منظورًا ثاقبًا أنت في أمس الحاجة إليه لمعالجة الأمور. |
5- إدارة عبء العمل الخاص بك |
|
كن واقعيًا بشأن ما يمكنك تحقيقه بشكل معقول، ولا تتردد في طلب المساعدة وتفويض المهام عند الاقتضاء. حدد أولويات مسؤولياتك الأكثر أهمية، واستخدم التقويم الخاص بك لتخصيص الوقت المطلوب لإنجاز مشاريع محددة. استفد من استجابتك التلقائية لرسائل البريد الإلكتروني لتجنب المقاطعات. في نهاية كل يوم، خصِّص بعض الوقت لتنظيم قائمة المهام الخاصة بك لليوم التالي. |
6- اكتشف تقنيات اليقظة الذهنية والاسترخاء |
|
يمكن أن يساعد التأمل والتنفس العميق وممارسة اليوجا في تهدئة عقلك وجسمك عندما تشعر بالإرهاق، ما يمهد الطريق للتفكير الإبداعي وحل المشكلات والتركيز واتخاذ القرارات البنّاءة. إذا كان مكان عملك فوضويًا، ففكر في التواصل مع الإدارة بشأن تنظيم لجنة داخل مؤسستك لتعزيز ثقافة الرفاه. |
7- اطلب المساعدة المهنية |
|
إذا كنت تعاني من الإرهاق الشديد أو تحديات تتعلق بالصحة النفسية، فلا تتردد في طلب المساعدة المتخصصة. وهنا ننصح أصحاب العمل بتوفير برنامج للعلاج النفسي في إطار المزايا الخاصة بالموظفين. على أن يتسم هذا البرنامج بالسرية للحفاظ على خصوصية الموظفين، ويقدم الدعم المطلوب في مجال الصحة العقلية لمعالجة أي تحديات أخرى قد تطرأ في حياة الموظف الشخصية أو المهنية.
|
8- الدعوة إلى التغيير في العمل |
|
إذا كانت ثقافة مكان عملك تسهم بشكل كبير في شعورك بالإرهاق فيجب أن تعبر عن رأيك. على الرغم من أنه موضوع حساس، تعامل معه من وجهة نظر مربحة للجانبين: على سبيل المثال، اظهر لرئيسك في العمل قدرًا من التعاطف وابدأ حوارك معه بالقول: “أعلم أنك ملتزم بمواعيد نهائية، لكنني أشعر بالإرهاق، هل هناك طريقة يمكننا من خلالها العمل معًا للتعافي وتحقيق النجاح في مكان العمل؟”. |
قد لا يكون الحل لهذه المشكلة بسيطًا، حيث أصبحت دوافع العمل الإضافي بسبب الضغوط الاقتصادية والتكنولوجيا والطموح الشخصي جزءًا من الثقافة المهنية السائدة. رغم ذلك، فإن اتخاذ خطوات استباقية لتحسين الصحة العقلية يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.
و من بين هذه الخطوات المهمة هي تحديد حدود العمل، إعطاء الأولوية للصحة العقلية، وتخصيص فترات راحة منتظمة وإجازات، فضلاً عن إجراء فحوصات دورية للصحة النفسية.
بلا شك، صحتنا العقلية هي من أهم مواردنا. باتباع هذه العادات الصحية، يمكننا تقليل شعور الإرهاق وتعزيز الإنتاجية، مما يسهم في تحسين الأداء العام وحماية صحتنا العقلية على المدى الطويل.