أنظمة الطاقة الحرارية الأرضية المحسنة: ثورة في استخدام الطاقة المتجددة
تعتبر أنظمة الطاقة الحرارية الأرضية المحسنة (EGS) من الابتكارات الرائدة التي تعمل على تحويل الطريقة التي نرى بها الطاقة المتجددة، من خلال استغلال الحرارة الداخلية للأرض، أحد أكبر الموارد الطبيعية غير المستغلة.
وتقدر وزارة الطاقة الأمريكية أن هذه التكنولوجيا قد توفر نحو 100,000 ميغاواط من الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة فقط، مما يجعلها مصدرًا واعدًا للطاقة المستدامة.
تعتمد أنظمة EGS على تقنية حفر عميق في قشرة الأرض للوصول إلى الصخور الساخنة والجافة، حيث يتم حقن الماء فيها لإنشاء شقوق. من خلال ذلك، يتم تحويل الماء إلى بخار، الذي يُستخدم لتشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء.
بعد ذلك، يُعاد حقن السائل المبرد تحت الأرض، مما يقلل من التأثير البيئي ويضمن استدامة العملية. بالمقارنة مع الطاقة الحرارية الأرضية التقليدية، التي تعتمد على خزانات مياه ساخنة أو بخار طبيعي، توفر EGS إمكانية خلق خزانات حرارية مصطنعة في مناطق لا تتوفر فيها الموارد الطبيعية، مما يزيد من إمكانية استخدام هذه التقنية في نطاق واسع.
تتمثل أبرز مميزات EGS في قدرتها على توفير طاقة أساسية ثابتة، بعكس الطاقات المتجددة الأخرى مثل الرياح والطاقة الشمسية، التي تعتمد على الظروف الجوية وقد تكون غير مستقرة.
توفر EGS طاقة مستمرة على مدار الساعة، مما يجعلها مثالية كداعم للطاقة المتجددة المتقطعة، ويقلل من الحاجة إلى حلول تخزين الطاقة المعقدة والمكلفة.
و تسهم العديد من الشركات في إظهار إمكانات EGS في إعادة تشكيل قطاع الطاقة. على سبيل المثال، تُعتبر شركة Fervo Energy من الرواد في هذا المجال، حيث تستخدم تقنيات متقدمة من صناعة النفط والغاز مثل الحفر الأفقي وتحفيز الآبار.
مشروعها في ولاية يوتا، الذي يهدف إلى توليد 400 ميغاواط بحلول عام 2028، يُعدّ علامة فارقة في مجال الابتكار الطاقي. وقد جذب هذا المشروع اهتمام شركة Southern California Edison، التي تلتزم بإدخال الطاقة الحرارية الأرضية من Fervo في شبكتها.
شركة Ormat Technologies أيضًا تلعب دورًا محوريًا في تطوير EGS، حيث حصلت على منحة من وزارة الطاقة الأمريكية لتطبيق تقنيات EGS في منشأتها Brady في نيفادا. يهدف هذا المشروع إلى تحسين الآبار غير التجارية وتحفيزها لإنشاء شبكات كسور لزيادة إنتاج الكهرباء.
من جهة أخرى، تدرس جامعة كورنيل استخدام أنظمة الطاقة الحرارية الأرضية لتوفير التدفئة المركزية في حرمها الجامعي من خلال مشروع Earth Source Heat، الذي يهدف إلى تقديم طاقة حرارية محايدة للكربون، مما يعكس إمكانات EGS في تلبية احتياجات التدفئة المحلية مع تعزيز أهداف إزالة الكربون.
تسهم التطورات الأخيرة في تكنولوجيا الحفر في تقليل تكاليف أنظمة EGS، مما يجعلها أكثر تنافسية مع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى. الابتكارات مثل رؤوس الحفر الماسية الاصطناعية والآبار الأفقية تساهم في تحسين الكفاءة وتسريع عملية تطوير المشاريع.
بجانب هذه التطورات التقنية، تساهم السياسات الحكومية الفيدرالية والولائية في دعم تكامل مصادر الطاقة المتجددة، مما يخلق فرصًا لتوسيع تطبيقات EGS.
وقد أظهرت الخرائط المحسنة التي قدمتها وكالات مثل المختبر الوطني للطاقة المتجددة (NREL) أن هناك العديد من المواقع المناسبة لاستخدام أنظمة EGS في جميع أنحاء الولايات المتحدة، مما يزيد من جاذبية هذه التقنية.
و تمثل أنظمة الطاقة الحرارية الأرضية المحسنة خطوة هامة نحو المستقبل المستدام للطاقة النظيفة. مع استمرار التقدم التكنولوجي وانخفاض التكاليف، يمكن لهذه الأنظمة أن تلعب دورًا رئيسيًا في التحول العالمي نحو مصادر الطاقة المستدامة، وتوفير حلول تلبّي احتياجات الكهرباء والتدفئة مع المساهمة في مكافحة التغير المناخي.