أزمة كراود سترايك .. توابع ارتدادية في الطريق
شاشات زرقاء تعلن “وفاة اكلينيكية” أجهزة الكمبيوتر، مطارات مزدحمة بآلاف الأشخاص المترقبين لمصير رحلاتهم، شبكات أخبار توقفت عن بث خدماتها، هذه كانت بعض مشاهد يوم الجمعة الماضي بعد أن شهد العالم أكبر أزمة تقنية حدثت في التاريخ.
الأمر لم يقتصر على شبكات الأخبار وشركات الطيران، بل امتد ليشمل الكثير من القطاعات إذ تعطلت أيضا الخدمات المالية وعيادات الأطباء، في مشهد كان أقرب لأحد أفلام الخيال العلمي، وكل ذلك بسبب تحديث برمجيات “كراود سترايك”.
ورغم محاولات شركة الأمن السيبراني الأمريكية إصلاح ما فسد جراء الأزمة الأخيرة، إلا أن العديد من المراقبين للمشهد يتوقعون عدم اقتصار الأمر عند حد الخلل الذي ضرب نحو 8.5 مليون جهاز كمبيوتر.
وقال “جورج كورتز”، الرئيس التنفيذي لشركة “كراود سترايك” الأمريكية حينها، إن شركته “تعمل بنشاط مع العملاء المتأثرين بالخلل الموجود في تحديث محتوى واحد متعلق بنظام التشغيل ويندوز”، مشددًا على أن مستخدمي نظامي التشغيل ماك ولينكس لم يتأثروا.
استمرار آثار الأزمة
ورغم مرور عدة أيام على الأزمة فإن هناك شركات مثل شركة “دلتا إيرلاينز” لم تتعاف من مشكلة الجمعة الماضية، مما أدى إلى تقطع السبل بعشرات الآلاف من الركاب.
وألغت شركة “دلتا” أكثر من 5500 رحلة جوية منذ بدء الانقطاع في وقت مبكر من صباح الجمعة، بما في ذلك ما لا يقل عن 700 رحلة ألغيت أمس الاثنين، وفقاً لشركة “سيريوم” لبيانات الطيران.
وشكلت شركة دلتا وفروعها الإقليمية حوالي ثلثي جميع عمليات الإلغاء في جميع أنحاء العالم يوم الاثنين، بما في ذلك جميع عمليات الإلغاء في الولايات المتحدة تقريباً.
وكانت شركة “يونايتد إيرلاينز” هي ثاني أسوأ شركة من حيث الأداء في قطاع الطيران منذ بداية الانقطاع، حيث ألغت ما يقرب من 1500 رحلة، ومع ذلك، ألغت يونايتد 17 رحلة جوية فقط أمس الاثنين.
وقال “جون جرانت”، كبير المحللين في مزود بيانات السفر “أو إيه جي”، في إحدى المدونات: “إن تأثير انقطاع كراود سترايك سيستمر لبضعة أيام أخرى، وسيبقى في أذهان المسافرين الذين ألغوا عطلاتهم لفترة أطول”.
وكان قطاع الطيران الضحية الأكثر وضوحاً للمشاكل التقنية العالمية الناجمة عن التحديث الخاطئ لبرنامج “كراود سترايك” للأمن السيبراني.
وقالت “مايكروسوفت” إن الخلل أثر على 8.5 مليون جهاز، فيما تذكر الشركة أنها تعمل على إصلاح تلك المشكلة، لكن الخبراء يقولون إن الأمر قد يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لإصلاح كل جهاز كمبيوتر تأثر بالأزمة.
الأزمة قد تزيد الهجمات السيبرانية
وبعد وقوع الأزمة أطلق العديد من المتخصصين في مجال الأمن السيبراني صيحة تحذير من أن مجرمي الإنترنت قد استغلوا بالفعل الفوضى الناجمة عن الانقطاع التكنولوجي العالمي الضخم يوم الجمعة من خلال الترويج لمواقع الويب المزيفة المليئة بالبرامج الضارة المصممة لاختراق أجهزة الضحايا.
وقال خبراء أمنيين إن المتسللين دشنوا مواقع ويب زائفة تستهدف جذب الأشخاص الذين يبحثون عن معلومات أو حلول للمشكلة التي واجهها العالم يوم الجمعة، ولكنها في الواقع مصممة لجمع معلومات الزوار أو اختراق أجهزتهم.
وتستخدم المواقع الاحتيالية أسماء النطاقات التي تتضمن كلمات رئيسية مثل “كراود سترايك” أو “الشاشة الزرقاء”، وهي الشاشة التي عرضتها أجهزة الكمبيوتر المتأثرة بخلل “كراود سترايك” عند تشغيلها.
وحاولت بعض المواقع الاحتيالية جذب الضحايا من خلال الوعد بحل سريع لمشكلة الخلل التقني.
وفي نشرة حول الانقطاع، قالت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية إنها شهدت “جهات فاعلة محل تهديد تستغل هذا الحادث للتصيد الاحتيالي والأنشطة الضارة الأخرى”.
وقالت النشرة الصادرة عن وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية التابعة للوزارة: “ابقوا يقظين واتبعوا التعليمات من المصادر المشروعة فقط”.
كما أصدرت “كراود سترايك” إرشاداتها الخاصة بشأن ما يمكن أن تفعله المنظمات المتضررة استجابةً لهذه المشكلة.
وقال “كين وايت”، الباحث الأمني المستقل المتخصص في أمن الشبكات، في مقابلة مع شبكة سي إن إن “المجرمون لا يكلون في مساعيهم الإبداعية الاحتيالية لاستغلال الفئات الأكثر ضعفاً”.
الجدل حول نظام ويندوز يعود للواجهة
بحسب تصريحات “جورج كورتز”، الرئيس التنفيذي لشركة “كراود سترايك” فإن العملاء من مستخدمي نظامي التشغيل ماك ولينكس لم يتأثروا بتلك الأزمة، الأمر الذي أثار الشكوك حول مدة كفاءة ويندوز على مواجهة تلك النوعية من المشاكل في مقابل الأنظمة التشغيلية الأخرى.
ويعمل ويندوز على تشغيل أكثر من 1.4 مليار جهاز كمبيوتر، الأمر الذي يجعله نظام التشغيل المكتبي الأكثر شعبية على الإطلاق، وهو يدعم معظم الأجهزة والبرامج الموجودة في أي نظام تشغيل.
حصة نظم التشغيل في سوق العالمية (فبراير 2024) |
|
نظام التشغيل |
الحصة السوقية |
ويندوز |
%68.32 |
ماك أو إس |
%14.6 |
أندرويد |
%2.37 |
لينكس |
%3.82 |
وشهد نظام ويندوز على مر السنين بعض التعثر إلا أن الإصدارات الأخيرة منه سعت لتلافي مشكلات الماضي، ولكن هناك إجماع على أن ويندوز 10 كان ناجحاً، وأكثر استقراراً وقابلية للاستخدام من الإصدارات السابقة.
وعلى الرغم من أن الإصدار الحالي لنظام التشغيل ويندوز أصبح أكثر أماناً واستقراراً مما كان عليه في الماضي، إلا أنه يظل غير مساوي لكفاءة نظام التشغيل ماك أو لينكس فيما يتعلق بمعايير الأمن والاستقرار.
يأتي هذا في وقت يعرف فيه نظام تشغيل أبل لأجهزة الكمبيوتر المكتبية بأنه مصقول وموثوق، إلا أن هناك عيب رئيسي وهو إذا كنت ستستخدم نظام التشغيل ماك، فإن اختيارك لأجهزة الكمبيوتر يقتصر على تلك التي يبيعها بائع واحد هو أبل نفسها، لكن النظام يتمتع بسمعة ممتازة فيما يتعلق بالأمان.
نظام التشغيل لينكس
قد لا يكون نظام التشغيل لينكس يتمتع بنفس قدر شهرة ويندوز، لكن أهم ما يميز لينكس عن جميع أنظمة التشغيل الأخرى أنه مجاني تماماً ومفتوح المصدر، وليس تطبيقا منتجاً من قبل شركة تكنولوجيا ضخمة لها دوافع ربحية.
ويتمتع لينكس أيضا بميزة أخرى وهي القدرة على تشغيله على أي جهاز يمكنه تشغيل الويندوز كما أن هناك نسخ منه يمكن تشغيلها بجانب نظام الويندوز فيما يعرف بعملية “الإقلاع المزدوج”.
لكن يظل العيب الأساسي في لينكس أنه يتطلب قدراً أكبر من الخبرة التقنية مقارنة بنظم التشغيل الأخرى، إضافة إلى أنه لا يمكنك الحصول على بعض التطبيقات الرئيسية، مثل الفوتوشوب ومايكروسوفت أوفيس.
ميزة أخرى يتمتع بيها لينكس وهو كونه نظام تشغيل آمن ومستقر، وهي السبب وراء اختيار النظام لعدد كبير جداً من الخوادم التي تتطلب مستوى عالٍ من وقت التشغيل، ووسائل حماية قوية.