أزمة صناديق الضمان الاجتماعي في المغرب: شبح الإفلاس يهدد الاستقرار المالي
تعاني صناديق الضمان الاجتماعي المغربية من أزمة خانقة قد تهدد استدامتها المالية، حيث باتت هذه الأنظمة تواجه خطر الإفلاس نتيجة سنوات من العجز المالي المستمر.
وقد حذر بنك المغرب في تقريره الأخير حول الاستقرار المالي من نفاد احتياطيات هذه الصناديق، مما يهدد حقوق المؤمّنين ويعصف بالسلم الاجتماعي في البلاد.
فيما يتعلق بالوضعية المالية لأنظمة التقاعد المغربية، كشف تقرير هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS) عن تباين في المؤشرات المالية بين الصناديق المختلفة.
فقد بلغت إجمالي الاشتراكات التي تم تحصيلها من أنظمة التقاعد 61,9 مليار درهم، في حين بلغت المصاريف والتعويضات 68,9 مليار درهم، مما أدى إلى عجز تقني قدره 7 مليارات درهم.
وتفصيلًا، أظهر التقرير أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) حقق اشتراكات بقيمة 18,1 مليار درهم مقابل مصاريف وتعويضات قدرها 15,9 مليار درهم، مما أدى إلى رصيد تقني إيجابي قدره 2,2 مليار درهم، مع احتياطيات تقدر بـ 64,4 مليار درهم.
أما الصندوق المغربي للتقاعد (CMR)، فقد سجل اشتراكات بقيمة 28,9 مليار درهم، لكنه سجل عجزًا تقنيًا بلغ 8 مليارات درهم بسبب المصاريف التي تجاوزت 36,9 مليار درهم، مع احتياطيات بلغت 61,8 مليار درهم.
فيما يخص النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR)، فقد شهد عجزًا قدره 4,4 مليار درهم نتيجة تفوق المصاريف التي بلغت 7,7 مليار درهم على الاشتراكات التي بلغت 3,3 مليار درهم، رغم احتياطيات تقدر بـ 111 مليار درهم.
إجمالي العجز الناتج عن الأنظمة الأساسية للتقاعد بلغ 11,4 مليار درهم، حيث سجلت الاشتراكات 50,5 مليار درهم مقابل مصاريف تصل إلى 61,9 مليار درهم، فيما بلغ إجمالي الاحتياطيات 241,3 مليار درهم.
في المقابل، تظهر الأنظمة التكميلية وضعًا أفضل، حيث سجل الصندوق المهني المغربي للتقاعد (CIMR) 11 مليار درهم من الاشتراكات، مقابل 6,8 مليار درهم من المصاريف، ليحقق رصيدًا تقنيًا قدره 4,3 مليار درهم.
كما سجل النظام التكميلي التابع للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد فائضًا طفيفًا قدره 0,2 مليار درهم.
أما فيما يتعلق بأنظمة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، فقد حقق النظام الخاص بأجراء القطاع الخاص لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فائضًا قدره 2,82 مليار درهم، بفضل الاشتراكات التي بلغت 11,2 مليار درهم، متفوقة على المصاريف التي بلغت 7,3 مليار درهم.
ومع ذلك، يعاني النظام من عجز في بعض الفئات، حيث سجل نظام العمال غير الأجراء عجزًا قدره 0,4 مليار درهم، وسجل النظام الخاص بالعمال في القطاع العام عجزًا بلغ 1,3 مليار درهم.
في قطاع التعاضد، سجلت الاشتراكات 2,6 مليار درهم مقابل 1,9 مليار درهم من التعويضات، مما أدى إلى تحقيق فائض بسيط مع احتياطيات قدرها 7,4 مليار درهم.
وفي ضوء هذه الأرقام والواقع المالي المتدهور لأنظمة التقاعد، تعمل الحكومة المغربية على إعداد مشروع قانون إصلاح أنظمة التقاعد، والذي سيتم عرضه على البرلمان قريبًا.
هذا الإصلاح أصبح ضرورة ملحة في ظل التقارير المتزايدة التي تحذر من خطر الإفلاس الذي يهدد هذه الأنظمة في السنوات القادمة، ويشكل تحديًا كبيرًا للحكومة في الحفاظ على استقرار النظام الاجتماعي والمالي في البلاد.