النحاس يواصل جاذبيته رغم التراجع عن مستويات قياسية

على الرغم من تراجع أسعار النحاس عن أعلى مستوياتها القياسية المسجلة في يوليو الماضي، لا تزال توقعات السوق تشير إلى استمرار قوة الطلب، مما قد يدفع الأسعار للارتفاع مجددًا في الأشهر المقبلة.
وصف جون كاروسو، كبير محللي السوق في شركة RJO Futures، النحاس بأنه “قنبلة موقوتة” ستشهد حركة أسعار انفجارية، مشيرًا إلى احتمالية حدوث عجز هيكلي مستمر في المعروض، مع توقعات بزيادة الطلب على المعدن بنحو مليون طن متري سنويًا خلال العقد المقبل.
ورغم أن سياسات إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خفّفت دعم الطاقة النظيفة عبر إلغاء تمويلات ضخمة، فإن الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ وطلب مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي على الكهرباء تواصل دعم الطلب على النحاس.
أوضح ديفيد أسبل، الرئيس المشارك للاستثمار في Mount Lucas Management، أن الطلب على النحاس ما زال “قويًا”، مدفوعًا بنمو البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وازدياد الحاجة من مراكز البيانات. وأضاف أن المعدن سيظل مطلوبًا في المستقبل القريب، مع استمرار التوسع في هذه القطاعات.
ارتفعت أسعار النحاس الأمريكي المعياري هذا العام بنسبة 44.5% مقارنة بنهاية 2024، وسجلت مستوى قياسيًا عند 5.959 دولارات للرطل في 24 يوليو. كما بلغت العقود الآجلة لثلاثة أشهر في بورصة لندن للمعادن (LME) مستوى غير مسبوق عند 11,200 دولار للطن المتري في 29 أكتوبر.
وكانت التكهنات بفرض رسوم جمركية على النحاس المكرر المستورد قد دفعت أسعار كومكس (CME) في نيويورك للارتفاع فوق نظيرتها في لندن، قبل أن تتراجع لاحقًا بعد توضيح أن الرسوم ستطال النحاس المعالج فقط، مما أدى إلى انخفاض الأسعار بنحو 15% عن ذروتها.
قالت رقية إبراهيم، كبيرة محللي السلع والطاقة في BCA Research، إن استمرار التوتر بشأن الرسوم الجمركية سيظل مؤثرًا على السوق، خاصة مع إعادة النظر في القرار صيف 2026.
وأوضحت أن الأسواق العالمية ستظل في حالة “اختلال” حتى صدور القرار النهائي، ما يحد من أي تراجع كبير في الأسعار على المدى القصير.
رغم تقليص ترامب لدعم الطاقة النظيفة، أشار كاروسو إلى أن “القصة الحقيقية” تكمن في زيادة الطلب على الكهرباء من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
ووفقًا لتقرير وزارة الطاقة الأمريكية، استهلكت مراكز البيانات نحو 4.4% من إجمالي الكهرباء في 2023، ومن المتوقع أن ترتفع حصتها بين 6.7% و12% بحلول 2028، مع استمرار الإنفاق الرأسمالي على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي دون أي تباطؤ.
بحسب وكالة الطاقة الدولية، قد يشهد سوق النحاس العالمي عجزًا في المعروض يصل إلى 30% بحلول 2035، نتيجة التحديات في قطاع التعدين والطلب المتزايد في التقنيات الكهربائية. واختتم كاروسو حديثه مؤكدًا أن سباق الذكاء الاصطناعي في مراحله الأولى، ما يعني أن أمام النحاس مساحة كبيرة لمزيد من الصعود مستقبلاً.




